أسكنت من كان الأحشاء مسكنه ... بالرغم مني بين الترب والحجر
يا قبر فاطمة بنت ابن فاطمة ... بنت الأئمة بنت الأنجم الزهر
يا قبر ما فيك من دين ومن ورع ... ومن عفاف ومن صون ومن خفر
ثم سافرت من هذه المدينة إلى القدس. فزرت في طريقي إليه تربة يونس عليه السلام وعليها أبنية كبيرة ومسجد. وزرت أيضا بيت لحم موضع ميلاد عيسى عليه السلام وبه أثر جذع النخلة وعليه عمارة كثيرة والنصارى يعظمونه أشد التعظيم ويضيفون من نزل به. ثم وصلنا إلى بيت المقدس شرفه الله ثالث المسجدين الشريفين في رتبة الفضل ومصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما ومعرجه إلى السماء والبلدة كبيرة منيفة بالصخر المنحوت وكان الملك الصالح الفاضل صلاح الدين ابن أيوب جزاه الله عن الإسلام خيرا لما فتح هذه المدينة هدم بعض سورها ثم استنقض الملك الظاهر١ هدمه خوفاً أن يقصدها الروم فيتمنعوا بها ولم يكن بهذه المدينة نهر فيما تقدم وجلب لها الماء في هذا العهد الأمير سيف الدين تنكيز أمير دمشق.
١ يبدو – والله أعلم – أن المراد: وأتمّ الملك الظاهر هدمه خوفاً من أن يقصدها الروم فيمنعوا بها، والملك الظاهر هو: ركن الدين بيبرس البندقداري رابع سلاطين دولة المماليك البحرية بِمصر.