للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وَهُوَ" أَيْ الْمَكْرُوهُ "فِي عُرْفِ الْمُتَأَخِّرِينَ: لِلتَّنْزِيهِ"، يَعْنِي أَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنَّهُمْ إذَا أَطْلَقُوا الْكَرَاهَةَ، فَمُرَادُهُمْ التَّنْزِيهُ، لا التَّحْرِيمُ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ لا يَمْتَنِعُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الْحَرَامِ١، لَكِنْ قَدْ جَرَتْ


= ناقصة عند الحنفية وليست فاسدة، لأن الحنفية يرون أنّ الوقت ظرف للصلاة، ولذلك فأن تعلق الصلاة بالوقت تعلق مجاورة، فإن شرع المصلي بأداء العصر مثلاً، واستمرت صلاته إلى الوقت المكروه فإن صلاته صحيحة، وليست مكروهة، قال عبيد الله بن مسعود: "لما كان الوقت متسعاً جاز له شغل كل الوقت، فبعض الفساد الذي يتصل بالبناء" ثم يقول: "فاعترض الفساد بالغروب على البعض الفاسد فلا يفسد" "التوضيح على التنقيح ١١/ ٢٠٢". وقال البزدوي: "منها الصلاة وقت طلوع الشمس ودلوكها، مشروعية بأصلها إذ لا قبح في أركانها وشروطها، والوقت صحيح باصله، فاسد بوصفه، وهو أنه منسوب إلى الشيطان، كما جاءت به السنة، إلا أن الصلاة لا توجد بالوقت لأنها ظرفها، لا معيارها، وهو سببها، فصارت الصلاة ناقصة لا فاسدة"، ثم عقب البخاري فقال: "بخلاف الصلاة في الأرض المغصوبة، فإن المكان ليس بسبب ولا وصف، فلا يؤثر في الفساد ولا في النقصان "كشف الأسرار ١/ ٢٧٧-٢٧٨"، وقال السرخسي الحنفي: "لأن النهي باعتبار وصف الوقت الذي هو ظرف للأداء يُمَكّنُ نقصاناً في الأداء" "أصول السرخسي ١/ ٨٩"، وأكد الكاساني أن صلاة النفل والتطوع مكروهة في الأوقات المكروهة، "بدائع الصنائع ١/ ٢٩٥ وما بعدها"، وهذا يبين أن الأمر يتناول المكروه عند الحنفية كما جاء في "جمع الجوامع"، وأن اعترض الكوراني غير صحيح، وأن نقله عن الحنفية غير دقيق، ولذلك قال الشربيني: "فمنازعة النقل عنهم مردودة" "تقريرات الشربيني على جمع الجوامع ١/ ١٩٨"، ولكن ابن اللحام نقل عن الحنفية قولين، فقال: قال الجرجاني من الحنفية لا يتناوله، وقال الرازي الحنفي يتناوله "القواعد والفوائد الأصولية ص١٠٧" وهو ما نقله المجد بن تيمية في "المسودة ص٥١".
١ قسم الحنفية المكروه إلى قسمين: مكروه تحريمي، ومكروه تنزيهي، والمكروه التحريمي هو ما طلب الشارع تركه طلباً جازماً بدليل ظني، مثل لبس الحرير والذهب على الرجال الثابت بالحديث الذي رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن هذين حرام على ذكور أمتي حلّ لإناثهم" ومثل البيع علىالبيع، والخطبة على الخطبة، وحكمه أنه إلى الحرام أقرب، وهو قسم من الحرام عند الإمام أبي حنيفة وأبي يوسف، ويأخذ أحكام الحرام تقريباً من تحريم الفعل وطلب الترك واستحقاق العقاب على الفعل، ولكن لا يكفر جاحده، والمكروه التنزيهي هو ما طلب الشارع تركه طلباً غير جازم "انظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>