للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ" ١.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا خُفِّفَ عَنَّا مِنْ التَّغْلِيظِ الَّذِي كان٢ عَلَى الأُمَمِ قَبْلَنَا لَيْسَ بِرُخْصَةٍ شَرْعِيَّةٍ، لَكِنْ قَدْ يُسَمَّى رُخْصَةً مَجَازًا٣، بِمَعْنَى أَنَّهُ سُهِّلَ عَلَيْنَا مَا شُدِّدَ عَلَيْهِمْ، رِفْقًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَةً بِنَا مَعَ جَوَازِ إيجَابِهِ عَلَيْنَا، كَمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْهِمْ، لا عَلَى مَعْنَى أَنَّا اسْتَبَحْنَا شَيْئًا مِنْ الْمُحَرَّمِ٤ عَلَيْهِمْ، مَعَ قِيَامِ الْمُحَرِّمِ فِي حَقِّنَا، لأَنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ لا عَلَيْنَا. فَهَذَا وَجْهُ التَّجَوُّزِ، وَعَدَمُ كَوْنِ الأَوَّلِ لَيْسَ بِرُخْصَةٍ، لأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ٥.

"وَالاثْنَتَانِ" أَيْ الْعَزِيمَةُ وَالرُّخْصَةُ "وَصْفَانِ لِلْحُكْمِ" لا لِلْفِعْلِ فَتَكُونُ الْعَزِيمَةُ بِمَعْنَى التَّأْكِيدِ فِي طَلَبِ الشَّيْءِ، وَتَكُونُ الرُّخْصَةُ بِمَعْنَى التَّرْخِيصِ٦. وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاقْبَلُوا رُخْصَةَ اللَّهِ" ٧، وَمِنْهُ قَوْلُ أُمِّ


١ رواه أحمد والبيهقي عن ابن عمر، ورواه الطبراني عن ابن عباس وابن مسعود، وهو حديث ضعيفن، وقال ابن طاهر: وفقه على ابن مسعود أصح. "انظر: فيض القدير ٢/ ٢٩٢، مسند أحمد ٢/ ١٠٨".
٢ ساقطة من ش ز.
٣ انظر: الإحكام، الآمدي ١/ ١٣٣، المستصفى ١/ ٩٨، فواتح الرحموت ١/ ١١٨، أصول السرخسي ١/ ١٢٠، تيسير التحرير ٢/ ٢٣٢، مختصر الطوفي ص٣٤.
٤ في ض: العزم.
٥ انظر: الموافقات ١/ ٢٠٧، أصول السرخسي ١/ ١٣٠ التوضيخ على التنقيح ٣/ ٨٦، كشف الأسرار ٢/ ٣٢٠، تيسير التحرير ٢/ ٢٣٢، المستصفى ١/ ٩٨.
٦ انظر: المستصفى ١/ ٩٨، ١٠٠، حاشية البناني ١/ ١٢٤، الإحكام، الآمدي ١/ ١٣١، تيسير التحرير ٢/ ٢٢٨، التمهيد ص١٢، القواعد والفوائد الأصولية ص١١٦، المدخل إلى مذهب أحمد ص٧١.
٧ رواه مسلم اللفظ، وروى معناه أصحاب السنن وأحمد في صيام المسافر. "انظر: صحيح مسلم ١/ ٤٧٨، ٢/ ٧٨٦، سنن النسائي ٤/ ١٤٧، فيض القدير ٥/ ٣٨١، تفيسر ابن كثير ٢/ ٣٧٤، مسند أحمد ٥/ ٥٨، تحفة الأحوذي بشرح الترمذي ٣/ ٣٩٧، سنن أبي داود ٢/ ٤٢٦، سنن ابن ماجة ١/ ٥٣١".

<<  <  ج: ص:  >  >>