عليه وودعوا وساروا في تسعة آلاف مع من ذكرنا يريدون أخذ فلسطين فلما كان بعدهم بيوم واحد عقد العقود والرايات إلى أبي عبيدة بن الجراح وأمره بأن يقصد بمن معه ارض الجابية وقال: يا أمين الأمة قد سمعت ما وصيت به عمرو بن العاص وودعه المسلمون فلما عاد أبو بكر والمسلمون دعا بخالد بن الوليد وعقد له راية وكانت له راية النبي صلى الله عليه وسلم وأمره على لخم وجذام وضم له جيش الزحف وكانوا شجعانا ما منهم إلا من شهد الوقائع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: يا أبا سليمان قد وليتك على هذا الجيش فاقصد به ارض العراق وفارس وارجوا الله أن ينصركم ثم إنه ودعه وسار خالد بمن معه يطلب العراق.
قال حدثني ربيعة بن قيس قال كنت في الجيش الذي وجهه أبو بكر الصديق مع عمرو بن العاص إلى فلسطين وايليا وكان صاحب رايته سعيد بن خالد قال: وبعث أبو بكر مع كل جيش اميرا وهو يدعوا لهم بالنصر وأخذه القلق على المسلمين حتى عرف ذلك في وجهه فقال له عثمان بن عفان رضي الله عنه: ما هذا الغم الذي نزل بك فقال اغتممت على جيوش المسلمين وارجوا الله أن ينصرهم على عدوهم فقال عثمان والله ما خرج جيش سررت به إلا هذا الجيش الذي سار إلى الشام وهذا الذي اوصى الله نبيه به وليس في قوله خلف وأنا سنظهر على الروم وفارس ولكن ما ندري متى يكون أفي هذا البعث أو غيره ولكنأحسن الظن بالله قال: وبات الصديق فرأى في منامه كأن عمرو بن العاص وجهه طرمة هو وأصحابه ثم قصد عمرو ارضا خضرة سهلة وفرجة فحمل على فرسه ثم أتبعه أصحابه فإذا هم في ارض واسعة فنزلوا واستراحوا قال: وانتبه أبو بكر من منامه فرحا بما رأى فقال عثمان يدل على فتح إلا إنه يوشك أن يلقى عمرو في قتال المشركين مشقة عظيمة ثم يخلص منها.
قال الواقدي: كانت الساقطة تنزل المدينة في الجاهلية والإسلام يقدمون بالبر والشعير والزيت والتين والقماش وما يكون في الشام فقدم بعض الساقطة إلى المدينة وابو بكر ينفذ الجيوش وسمعوا كلام أبي بكر لعمرو بن العاص وهو يقول: عليك بفلسطين وايليا قال فساروا بالخبر إلى الملك هرقل فلما سمع ذلك جمع أرباب دولته وبطارقته واعلمهم بالحديث الذي جرى وقال: يا بني الأصفر هذا الذي كنت حذرتكم منه قديما وأن أصحاب هذا النبي لا بد أن تملك ما تحت سريري هذا وقد قرب الوعد وأن خليفة محمد قد انفذ لكم الجيوش وكأنكم بهم وقد أتوكم وقصدوا نحوكم فحذروا أنفسكم وقاتلوا عن دينكم وعن حريمكم فإن تهاونتم ملكت العرب بلادكم وأموالكم قال: فبكى القوم فقال لهم: دعوا عنكم البكاء ثم قال له وزيره: أيها الملك قد اشتهينا أن تدعو بعض من قدم بهذا الخبر عليك فأمر هرقل بعض حجابه أن.