ثم أمر رجلا من أصحابه أن يسير إلى الذي بيده الناقوس ويأمره أن يضربه ضربة خفيفة ثم فتح الباب وتبادر الرجال إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم في غفلة مما دبر القوم لهم إلا إنهم في يقظة فلما سمعوا الصوت أيقظ بعضهم بعضا وتواثبت الرجال من أماكنهم كالأسود الضارية فلم يصل إليهم العدو إلا وهم على حذر وحملوا عليهم وهم في غير ترتيب فتقاتل القوم في جنح الظلام وعمل السيف وسمع خالد بن الوليد فقام ذاهل العقل مما سمع من الزعقات فصاح واغوثاه واسلاماه كيد قومى ورب الكعبة اللهم انظر لهم بعينك التي لا تنام وانصرهم يا أرحم الراحمين وسار خالد ومن معه وهم أربعمائة فارس من أصحابه وهو بغير درع قد لبس ثوب كتان من عمل الشام مكشوف الرأس ثم جد في السير والأربعمائة فارس معه كأنهم الليوث العوابس إلى أن وصلوا إلى الباب الشرقي وإذا بالفرقة التي هناك قد هاجمت أصحاب رافع بن عميرة الطائي قال وأصوات المسلمين عالية بالتهليل والتكبير والقوم من أعلى الاسوار قد أشرفوا وتصايحوا عندما استيقظ لهم المسلمون فحمل خالد بن الوليد على الروم ونادى برفع صوته أبشروا يا معشر المسلمين أتاكم الغوث من رب العالمين أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد وحمل في أوساط الناس بمن معه فجندل أبطالا وقتل رجالا وهو مع ذلك مشتغل القلب على أبي عبيدة والمسلمين الذين على الأبواب وهو يسمع اصواتهم وزعقاتهم قال وتصايح الروم والنصارى واليهود.
قال سنان بن عوف قلت لابن عمي: قيس هل كانت إليهود تقاتلكم قال: نعم يقاتلوننا من أعلى الاسوار ويرمون بالسهام وخشى خالد على شرحبيل ابن حسنة مما وصل إليه من عدو الله توما لانه ملازما الباب وقال لقي شرحبيل بن حسنة من عدو الله.