ولما ملك عبد الله بن غسان القلعة الغربية حين سلمها إليه شرجون بأمر يوقنا وترك يوقنا العرب وهرب إلى قرقيسيا دلهم الراهب شرجون على الطريق نحو السرب إلى القلعة الشرقية فملكوها واحتووا على ما كان لأشفكياص فيها وبعثوا إلى عياض بن غنم وأرسلوا يعلمونه في السر بما صنع يوقنا فدعا له المسلمون وشكروه وارسل يقول لعبد الله بن غسان ولسهل بن عدي احتفظا على ما في القلعة الثانية ولا تأخذا منها قيمة الدرهم الواحد حتى يسلمه يوقنا لبنته واتركا في القلعة من يحفظها واطلبا قرقيسيا وأنزلا عليها والسلام قال فلما وصل الكتاب إليهما فعلا ما أمرهما به عياض ووليا على القلعة الغربية الأحوص بن عامر ومعه مائة فارس وعلى الشرقية زياد بن الاسود في مائة فارس ومضى عبد الله بن سهل إلى قرقيسيا فحال بينهم وبينها الفرات فدلهم بعض السكان تلك الأرض على المخاضة فعبروا في الليل واصبحوا على أرض واحدة مع أعداء الله وأرسلوا إلى ماجن والمحولة والبديل والصور وبعثوا إليهم الامان وأقروهم في منازلهم وقالوا: أن كانت لنا فقد أحسنا فيكم الصنيع وإن كانت علينا انصرفنا عنكم مشكورين على عدلنا فيكم قال فاجاب القوم إلى ذلك وباعوا عليهم الميرة.
قال: حدثنا هلال بن عاصم عن يحيى بن جبير عن سوار بن زيد قال لما بعث عبد الله بن غسان إلى أهل تلك القرى وطيب قلوبهم بعث بعد أيام سهل بن اساف التميمي وكان من الصحابة الاول ومعه مائة من المسلمين ليأتوهم بالطعام والعلوفة من ناحية ماسكين فسار سهل ومن معه فلما وصلوا إلى السمسانية شن عليها الغارة واستاق أموالها فخرج عليه نوفل بن مازن في خمسمائة فارس واستخلصوا منهم ما أخذوه ووقع بينهم القتال فحملوا بأسرار صافية ونيات سامية وأفعال نامية وقلوب تنزهت بالإيمان وألسنة تنطق بذكر الرحمن ولم يزالوا في قتال إلى أن قتل من المسلمين ثلاثون وانهزم سبعة وأربعون واسر سبعة وعشرون من جملتهم سهل بن اساف بن عدى وحدثوا أصحابهم بما كان من المتنصرة ومنهم فعظم ذلك عليهم.
قال الراوي: حدثني نوفل بن عامر عن سالف بن عاصم عن سالم عن الدوسي قال كنت مع سهل بن اساف حين قدمنا على السمسانية وخرج علينا نوفل بن مازن فقال: والله لقد قاتلنا قتالا شديدا ما شهدنا مثله حتى كان من أمر الهزيمة ما كان قال سالم بن عبد الله لما أسرهم نوفل بن مازن شدهم في الحبال وقرن بعضهم إلى بعض