قال الواقدي: لما فتحت الرقة صلحا عول عياض بن غنم على المسير إلى رأس العين وكان يملك يومئذ الجزيرة ملك من ملوك الروم يقال شهر ياض بن فرون وكان جيشه مائة ألف وتحت يده وفي عمالة من العرب المتنصرة السلطان بن سارية التغلبي وهبيرة وهم ثلاثون الفا من الأبطال وانهم لما اتصلت بهم الاخبار بفتح الرقة وإن المسلمين قاصدون إليهم مع عياض بن غنم وخالد والمقداد أتو إلى الملك شهر ياض برأس العين وقالوا له: اعلم أيها الملك أن اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قد أتو ديارنا وقصدوا نحونا ونحن علينا الطلب أكثر منكم ومطلب القوم أننا ندخل في دينهم فاضرب خيامك بظاهر البلد واظهر بجيش حتى نلقاهم فإما لنا وأما علينا فأجابهم إلى ذلك وقال غير أني أخاف أن تنهزموا عني فأعطوا رهائن استوثق منهم ورتب آلة الحصار وأخرج الخزائن والأموال ورتب الحرس على الأسوار وزاد في عمق الخندق وعرضه وأرسل إلى جملين وكفرتوتا ودارا وماردين وحران والرها وتل مرزة والسن والموزر وأقام ينتظر عياض بن غنم.
قال: حدثنا عبد الله بن أسلم عن عاصم بن عبد الله عن ابن اسحق الأموي عن يزيد ابن أبي حبيب عن راشد مولاه قال لما عول عياض بن غنم الأشعري على المسير إلى رأس العين إلى قتال الملك شهر ياض بعث قبل مسيره أشعث بن عويلم وعبد الله بن غسان إلى القلعتين المعروفتين بزبا وزلوبيا فقال عبد الله يوقنا لعياض بن غنم اعلم أيها الأمير أن هاتين القلعتين اللتين ذكرتهما حصينتان منيعتان إحداهما من الجانب الشرقي والأخرى من الجانب الغربي وهما كانتا تحت ولايتي وإن صاحبهما كان من قبلي وهو أحد بني عمي واسمه اشفكياص بن مارية كني باسم أمه وكنت قد زوجته ابنتي فأخذت في صداقها الحصن الشرقي من الفرات وقد رأيت إنك تأمرني بالتقدم على هذين الحصنين حتى أحل في القلعة الغربية فإن فتحتها كانت الأخرى في قبضتنا فقال له: لله درك يا.