ذكر فتوح الخورنق وقتل النعمان بن المنذر وفتح الحيرة والقادسية.
قال الواقدي: حدثنا الحسن بن اسحق قال أخبرنا سليمان بن عامر قال بلغني أن سعد بن أبي وقاص قدم العراق في ثلاثين الف فارس من بجيلة والنخع وشيبان وربيعة وأخلاط العرب وما منهم من قدم العراق إلا بأهله وولده وما قدم أحد من ملوك الفرس إلا بماله كله حتى يقاتلوا بجد وعزم وبذلك وصاهم الملك كسرى قال: وإن سعدا ارتحل من الرحبة إلى الحيرة البيضاء وكان هناك جيش النعمان بن المنذر وقد ضرب خيامه والسرادقات إلى ظاهرها وقد أضاف إليه جميع العرب وهم من العراق في ثمانين ألفا وقد أفاض عليهم النعمان النعم والخلع ووعدهم من الملك كسرى بكل جميل وقال لهم: أن هؤلاء عرب وأنتم عرب وهلاك كل شيء من جنسه وهؤلاء مثلنا وليس لهم فضل علينا وقد جعلنا الأكاسرة مقدمي دولتهم حتى نكون لهم ركنا وعلى أعدائهم عونا وليس لأصحاب محمد فخر يفتخرون به علينا لكن نحن لنا الفخر عليهم وهم يزعمون أن الله بعث فيهم نبيا وأنزل عليهم كتابا ي قال له: القرآن ونحن لنا الانجيل وعيسى بن مريم وجميع الحواريين ولنا المذبح ولنا القسوس والناقوس والرهبان والشمامسة وعلى كل حال ديننا عتيق ودينهم محدث فاثبتوا عند اللقاء وكونوا عند ظن الملك كسرى بكم قال فبينما هو يقول ذلك إذ جاءه عمه الياس وهو صاحب الحرس فقال له: أيها الملك أن أعداءنا قد انفذوا الينا رسولا فقال ائتني به فأحضره وكان الرسول سعد بن أبي عبيد القاري فلما وقف بين يدي النعمان صاح به الحجاب والغلمان قبل الأرض للملك فلم يلتفت إليهم وقال أن الله أمرنا أن لا يسجد بعضنا لبعض ولعمري أن هذه كانت العادة المعروفة في الجاهلية قبل أن يبعث الله نبيه محمدا عليه السلام فلما بعث جعل تحيته السلام وكذا كانت الأنبياء من قبله وأما السلام فهو من أسماء الله تعالى وأما تحيتكم هذه فهي تحية جبابرة الملوك فقال النعمان لسنا من الجبابرة بل نحن أجل منكم لأنكم توحدون في دينكم وتقولون أن الله واحد وتجحدون ولده عيسى بن مريم.
فقال سعد أخبرني عن بن مريم أكانت القدرة فيه حالة أم ربانية وجرى بينهم كلام كثير قال فأعجب النعمان كلام سعد وقال له: يا ويح قومك ما الذي جئت به فقال أن الأمير سعد بن أبي وقاص وجهني اليك إذ أنت من العرب ويصل الينا ما نقص عليك وهؤلاء القوم علوج ليس لهم شريعة يؤدونها ولا فريضة يتبعونها ونحن ندعوكم إلى