[ذكر خروج عيسى عليه السلام من مصر واقامته بأرض البهنسا]
قال الله تعالى:{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ}[المؤمنون:٥٠] الآية وتقدم أنها البهنسا على اختلاف المفسرين قال أصحاب التواريخ وهم المسعودي وأبو جعفر الطبراني والواقدي وابن اسحق وابن هشام وأصحاب السير وأهل التفسير مثل سعيد بن جبير وسعيد ابن المسيب وابن عباس ومن تكلم في هذا الكتاب العجيب الذي لو كتب بالذهب لكان قليلا وقد جمع فيه كتب كثيرة وتواريخ وتفاسير وفتوحات قالوا: كان مولد عيسى لمضي اثنتين وأربعين سنة من ملوك الطوائف وكانت الرياسة بالشام ونواحيها لقصير ملك الروم وهرقل كما تقدم في فتوح الشام وكان بالبهنسا قنطاريوس والله أعلم باسمه فلما سمع الملك هيردوس بخبر المسيح قصد قتله وذلك أنهم نظروا إلى نجمه وقد طلع فعرفوا ذلك بحساب لهم في كتاب لهم فبعث الله ملكا إلى يوسف النجار وأخبره بما اراد هيردوس وإن يعلم مريم أن تخرج إلى أرض مصر فإنه أن ظفر بولدك قتله فإذا مات هيردوس فارجعي إلى بلادك فاحتمل يوسف مريم وابنها عيسى على حمار له حتى دخل مصر وورد أرض البهنسا وهي الربوة التي ذكرها الله في كتابه العزيز وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين وهناك بئر في المعبد يستشفون بمائها من الأمراض وهي التي كانت مريم وابنها يستقيان منها ويتوضأن منها للصلاة وكان هناك سرب تحت الأرض قيل أن مريم لما دخلت بولدها أرض البهنسا وجدا بئرا وليس عليها رشاء فطلب عيسى عليه السلام الماء ليشرب بعد أن عطش عطشا شديدا وبكى فحزنت أمه فارتفع الماء من قعر البئر حتى شرب منه وهي من ذلك اليوم تزيد ويعرف منها زيادة النيل فجعل النصارى لها عيدا إلى يومنا هذا وهناك دير وزراعات والله أعلم ثم دخل مدينة البهنسا واقام بها اثنتي عشر سنة وأمه تغزل الكتان وتلتقط السنبل في أثر الحصادين حتى تم لعيسى المدة المذكورة.
روى محمد الباقر قال لما جاء عيسى إلى البهنسا وهو مع أمه له ابن شهرين كأنه ابن سنتين فلما كمل تسعة أشهر أخذته والدته وجاءت به إلى الكتاب بأرض البهنسا