قال الواقدي: فاجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد رضي الله عنه وداروا من حوله وسار عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق رضي الله عنه عن يمينه ورافع بن عميرة عن يساره وعبده همام من ورائه وأصحابه محدقون به وسلم خالد البطريق صاحب قنسرين إلى عبده همام وقال اوثقه إلى جانبك ولا تبرح من مكانك وأبشر بالنصر من الله عز وجل.
قال الواقدي: واقبلت إليهم العرب المنتصرة يقدمهم جبلة بن الأيهم في عنقه صليب من الذهب الأحمر وفيه طوق من الجوهر وعليه ثياب الديباح المزركش ومن فوقه درع مذهب الزرد وعلى رأسه بيضة من الذهب وعلى أعلاها صليب من الجوهر وفي يده رمح طويل وسنانه يضيء كالقنديل وصاحب عمورية كالبرج المشيد ومن حوله الأعلاج المدلجة وقد أحدق بهم الجيش من كل جانب فلما نظر صاحب عمورية إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه وقد ملك صاحب قنسرين وهو في يده اسير خاف أن يعجل عليه خالد فأقبل إلى جبلة وقال له: وحق المسيح ما هؤلاء العرب إلا شياطين إلا ترى إلى هذا العربي ومعه وهم عشرة رجال وقد أحدق بهم هذا الجيش العظيم وما يفكرون فيه وقد ملكوا صاحبنا وهو معهم اسير ولا يخلص من ايديهم وإني خائف عليه أن يقتلوه وهو عزيز عند الملك هرقل فاخرج إلى هذا العربي وقل له يخلي صاحبنا ويوصله إلينا حتى نجود لهم بأنفسهم فإذا اطلقوا صاحبنا حملنا عليهم وقتلناهم عن آخرهم قال رافع ابن عميرة الطائي فبينما نحن وقوف حول خالد بن الوليد رضي الله عنه وجيش الروم والعرب المنتصرة محدقون بنا ونحن لا نفكر في كثرتهم لانا واثقون بالله عز وجل وإذا بجبلة بن الأيهم وهو ينادي برفيع صوته ويقول: من انتم من أصحاب محمد المعروفين من انتم من العرب التابعين اخبرونا من قبل أن ينزل بكم.