للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدمار فكان المكلم له خالد وبادره بالخطاب وقال له: بل نحن من أصحاب محمد المختار المعروفين بأهل القبلة والإسلام والأكرام والأنعام وأما سؤالك عن انسابنا فنحن الآن من قبائل شتى وقد جعل الله كلمتنا واحدة ونحن مجتمعون عليها وهي قول لا إله إلا الله محمد رسول الله زاده الله تعالى شرفا فلما سمع جبلة كلام خالد بن الوليد غضب غضبا شديدا إذ لم يفكر فيه ولا فيمن معه.

فقال جبلة يا فتى أنت أمير هؤلاء العرب فقال خالد: لست أميرهم بل اخوهم في الإسلام وهم اخواني المؤمنون فقال جبلة من أنت من أصحاب محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقال خالدا أنا المعروف بكبش بني مخزوم أنا خالد بن الوليد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا الرجل الذي عن يميني هو عبد الرحمن بن ابي بكر الصديق رضي الله عنه وهذا الذي عن شمالي من أهل اليمن من كرام طيء وهو رافع بن عميرة الطائي صهري وفؤادي وذلك إني أخذت من كل قبيلة شجاعها المعروف وبطلها الموصوف فلا تزدر بقتلنا ولا تفرح بكثرتهم فما انتم في القتال إلا كطيور وقع عليها صائدها وهي كامنة في اوكارها فألقى القانص الشبكة عليها فما انفلت منها إلا النجيب.

قال الواقدي: فزاد غضب جبلة من كلام خالد وقال له: ستعلم أن كلامك عليك ميشوم إذا دارت بك الاسنة وبقيت أنت ومن معك طعاما للوحوش في هذه الفلاة تمزقكم بكرة وعشيا فقال له خالد: ذلك لا يكثر علينا وهو سهل لدينا فأنت من العرب التي قد نسبت لعبادة الصليب فقال أنا سيد بني غسان ومن ملوك همدان أنا ملك غسان وتاجها أنا جبلة بن الأيهم فقال أنت المرتد عن دين الإسلام ومن اختار الضلالة على الهدى وسلك سبيل الغي وصل وغوى فقال جبلة لست كذلك أنا الذي اخترت العز على الذل والهوان فقال خالد: فانك على ذل نفسك حريص وإنما الكرامة غدا في دار البقاء والبعد عن دار الشقاء فقال جبلة: يا اخا بني مخزوم لا تفرط علينا في المقال فإنما بقائي عليك وعلى أصحابك بسبب هذا الأسير الذي في يدك لاني اخاف أن حملت عليكم قتلته وهو معظم عند الملك هرقل وقريب عنده في النسب فأطلقه من يدك حتى أجود عليكم بأنفسكم فقال خالد: أما اسيري فلا اطلقه من يدي حتى اقتله ولا أبالي لما صنع بي بعده وأما قولك تحمل علي وعلى من معي بهذه الجموع فما انصفت في المقال فإذا أردت النصفة في القتال فجمعكم عظيم وعددكم كثير ونحن عشرة رجال وقد فارس وهذا اميركم فإن قتلتمونا فقد خلصتم اسيركم وأن اظفرنا الله أحدقت بنا اعنت خيولكم واسنة رماحكم وطيال سيوفكم فابرزوا فارسا بكم وما النصر إلا من عند الله فما يعظم عليكم هلاك اسيركم إذا هلكت أنفسكم قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>