للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المعركة]

قال الواقدي: حدثنا عروة بن زيد عن موسى مولى الحضرميين عن موسى بن عمران وابن الصباح لما كان يوم الحرب صف فلسطين جيشه ثلاثة صفوف وقدم المشاة وعدل الميمنة والميسرة ورفع الصليب أمامه وتقدم أمام الجيش فنظر عمرو إلى فلسطين وقد رتب عساكره وعزم على الحرب فهيأ المسلمين وصفهم صفا واحدا وجعل في الميمنة الحماة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعهم شرحبيل بن حسنة كاتب الوحي وصابوب بن جباية الليثي عن شماله وكان أحد فرسان المسلمين فبينما الناس كذلك إذ خرج فارس من الروم وعليه ديباج ودرع وجوشن وفي عنقه صليب من الذهب فحمل حتى خطى برمحه من الميمنة إلى الميسرة ومن الميسرة إلى الميمنة ثم إلى القلب ثم وقف بازاء جيش المسلمين وركز رمحه بازائه وأخذ القوس بيده وفوق سهمها ورمى رجلا من الميمنة فاثبت السهم فيه فجرحه ورمى آخر من الميسرة فقتله فنظر إليه عمرو وما قد صنع فصاح بالمسلمين إلا ترون هذا العلج اللعين وما يصنع بقوسه فمن يكفينا أمره ويزيل عن المسلمين شره فخرج إليه رجل من ثقيف وعليه بردة دنسة وبيده قوس عربية قد فوق سهمها وخرج إلى العلج يريده فنظر إليه العلج وليس عليه شيء من الحديد يستره إلا فروة دنسة وما معه من السلاح غير القوس فازدرى به وبلبسه وأطلق سهما من كبد قوسه فوقع سهمه في صدره فاشتبك في الفروة ووقع غير مصيب وكان اللعين أرمى أهل زمانه ما رمى قط شيئا إلا نفذ فيه فغضب لذلك وهم أن يرميه بسهم ثان فامتعط الثقفي نبلة ورمى بها نحوه فلم يرها لصغرها وخفاء موقعها فاشتبكت النبله في حلق العلج فخرجت من قفاه فما تمالك العلج إلا أن وقع صريعا فأسرع الثقفي إلى جواده فأخذه واستوى على متنه ونزع بيضة المشرك عن راسه وجعل يسحبه نحو جيش المسلمين فاستقبله ابن عم له وكلمه فلم يجبه من فرحه بما صنع ثم اقبل إلى عمرو فاعطاه إياه فنظرت الروم إلى فعل الثقفي فغاظهم ذلك وجعلوا يشيرون إلى السماء فلعلمنا أنهم يقولون أن الملائكة تنصرنا قال: ونظر فلسطين إلى ذلك فعظم عليه وقال لبعض البطارقة اخرج إلى هؤلاء العرب وحام عن دينك فخرج البطريق وعليه ديباجة

<<  <  ج: ص:  >  >>