حدثني ابن اسحق حدثني سهل بن عبد ربه عن موسى عبد الرزاق قال لما كبس ابن المقوقس جيش المسلمين ورجعت دائرة السوء عليه وقتلوا عن آخرهم وبلغه الخبر بكى على ابن عمه وحلف بما يعتقده من دينه انه لا بد له أن يأخذ بثأرهم ثم إنه أمر أرباب دولته أن يجتمعوا بالكنيسة المعلقة في داخل قصر الشمع فاجتمعوا فجلس على سرير عند المذبح وقام فيهم خطيبا فقال: يا أهل دين النصرانية وبني ماء المعمودية اعلموا أن ملككم عقيم وبلدكم عظيم وهذه بلاد الفراعنة ممن كان قبلكم وقد ملكها عدة ملوك ممن احتوى على الاقاليم وملكها مثل الملك المعظم من آل حمير ومثل مستفان والبستق والملحان وهو يأتي هذه الاهرام ونمرود ابن كنعان ولقمان بن عاد وذي القرنين الملك العظيم وانقضى ملكهم منها ورجع إلى سبأ وأرضها وحضرموت وقصر عمان ثم تولى هذه الأرض القبط من آبائكم وأجدادكم اطسليس وبلينوس والريان بن الوليد وهو الذي استخلص يوسف لنفسه والوليد وهو المكنى بفرعون وبعدهم طبلهاوس ثم جدي راعيل ثم أبي المقوقس وجميع ملوك الأرض تحسدنا على ملك مصر وهؤلاء العرب الطماعة وليس في العرب أطمع منهم فإني أراكم قد كسلتم وفشلتم عن لقائهم فطمعوا فيكم وفي ملككم كما طمعوا في ملك الشام وانتزعوه من أيدي القياصرة فقاتلوا عن أموالكم وحريمكم وأولادكم وأما أنا فواحد منكم وأعلموا أن الملك المقوقس قد أمرني بلقاء هؤلاء العرب وقال انه لا يظهر إليهم حتى أرى ما يظهر من قومي وأرباب دولتي فما تقولون وما الذي اجتمع عليه رأيكم فقالوا: أيها الملك إنما نحن عبيد هذه الدولة وغلمانها فإنها قد استعبدت رقابنا بنعمتها واحسانها ونحن نقاتل لمحبتها فإما أن نرزق النصر من المسيح واما أن نموت فنستريح قال فشكر قولهم وخلع على أكابرهم وقال لهم: اخرجوا واضربوا خيامكم ظاهر البلد مع القوم وطاولوهم بالمبادرة إلى أن يأتي الينا نجدة من ملك النوبة والبجاوة فأجابوا إلى ذلك وأمروا غلمانهم بأن يضربوا الخيام خارج البلد فضربوها مما يلي النور والرصد.
قال ابن اسحق: وفي ليلتهم تلك جاءتهم الأخبار بأنه وقع بين ملك النوبة وملك البجاوة حرب وإنه ما يجيبكم منهم أحد وأخرجوا للملك ارمطوليس سرادقا معظما وسط.