للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيش القبط قال: وأخذ المسلمون على أنفسهم واقبلوا يخرصون بعضهم ويحرسون قومهم بالنوبة فكان عمرو في أول الليل يطوف حول العسكر ومعاذ إذا انتصف الليل ويزيد بن أبي سفيان في آخر الليل والنور على عسكرهم والإيمان لائح عليهم وأصواتهم مرتفعة بالقرآن وبذكر الله وبالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم قال ابن اسحق: فلما وصل كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة وقرأه على المسلمين قال لخالد بن الوليد يا أبا سليمان ما ترى من الرأي فقال إذا كان أمير المؤمنين أمرك أن تنجد عمرو بن العاص فانجده فقال أبو عبيدة أن الطريق إلى مصر بعيد وإن أنا ارسلت جيشا كبيرا خفت عليه من بعد الطريق ومن المشقة فقال خالد: كم جهدك أن ترسل قال أربعة آلاف فارس فقال خالد: أن الله كفاك ذلك قال: وكيف ذلك يا أبا سليمان قال أن عزمت على ما ذكرت فابعث أربعة من المسلمين فهم مقام أربعة آلاف فارس فقال أبو عبيدة من الأربعة قال خالد: أنا أحد الأربعة والمقداد بن الاسود وعمار بن ياسر ومالك بن الحرث فلما سمع أبو عبيدة ذلك تهلل وجهه وقال: يا أبا سليمان أفعل ما تراه فدعاهم خالد وأعلمهم بما عزم عليه فقالوا: سمعا وطاعة فقال خذوا أنفسكم فنحن نسير هذه الليلة قال فلما صلى أبو عبيدة بالناس صلاة المغرب قدم الثلاثة إلى قبة خالد فركبوا وودعوا أبا عبيدة والمسلمين وأخذوا معهم دليلا يدلهم على الطريق إلى وادي موسى والشوبك وأخذوا معهم ما يحتاجون إليه وساروا يريدون مصر فما زالوا يجدون إلى أن قربوا من عقبة ايلة وإذا هم بخيل ومطايا تزيد على الف فارس فأسرعوا إليهم فإذا هم من ثقيف وطي ومرداس قد وجههم عمر بن الخطاب إلى مصر مع رفاعة بن قيس وبشار بن عون قال فلما رأوهم سلموا عليهم ورحبوا بهم واستبشروا بالنصر لما رأوا خالد وعمارا والمقداد ومالكا وارتفعت أصواتهم بالتهليل والتكبير وساروا بأجمعهم.

قال: حدثنا يوسف بن يحيى عن دارم عن منصور بن ثابت قال كنت في جملة الوفد الذي وجهه عمر رضي الله عنه مع رفاعه وبشار والتقينا بخالد بن الوليد وأصحابه عند عقبة أيلة وسرنا معهم حتى وصلنا أرض مصر وقربنا وبقي بيننا وبينها يومان فبينما نحن نسير في بعض الليالي وكانت ليلة مظلمة لا يكاد الرجل أن يرى من شدة الظلام إذ سمعنا حسا بالبعد منا فوقفنا فقال خالد: أيكم يأتينا يا فتيان العرب بخبر هؤلاء الذين في هذا الجيش قال نصر بن ثابت وكنت راكبا فقفزت من ظهر الراحلة وسعيت على قدمي وأخفيت حسي إلى أن تبين لي جيش كثير فتحققت أمرهم فإذا هم جيش من العرب المتنصرة وهم يزيدون على ثلاثة آلاف وهم ركبان المطايا والخيل فقلت والله لاعدت إلى أصحابي إلا بالخبر اليقين قال فاتبعت أثرهم لأسمع ما يقولون وما يتحدثون فمشيت معهم قليلا فاسمعهم يقولون أذل الصليب أعداءنا فإنا قد أصابنا التعب ولحقنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>