قال الواقدي: قال خالد: لا تعجب يا رافع واعلم أن هؤلاء النسوة لهن الحروب المذكورات والمواقف المشهورات وأن يكن فعلهن ما ذكرت فلقد سدن على نساء العرب إلى آخر الأبد وأزلن عنهن العار فتهللت وجوه الناس فرحا ووثب ضرار بن الأزور عندما سمع كلام رافع فقال خالد: مهلا يا ضرار ولا تعجل فإنه من تأنى نال ما تمنى أيها الأمير لا صبر لي عن نصرة بنت أبي وامي فقال خالد: قد قرب الفرج انشاءالله تعال ثم أن خالدا وثب ووثب أصحابه وقال معاضر الناس إذا وصلتم إلى القوم فتفرقوا عليهم وأحدقوا بهم فعسى أن يخلص حريمنا فقالوا: حبا وكرامة ثم تقدم خالد قال فبينما القوم في قتال شديد مع النسوة إذا أشرفت عليهم المواكب والكتائب والأعلام والرايات فصاحت خولة يا بنات التبابعة قد جاءكم الفرج ورب الكعبة ونظر بطرس إلى الكتائب المحمدية وقد اشرفت فخفق فؤاده وارتعدت فرائضه وأقبل القوم ينظر بعضهم بعضا قال فصاح بطرس يا معاشر النسوة أن الشفقة والرحمة قد دخلت في قلبي لأن لنا أخوات وبنات وأمهات وقد وهبتكن للصليب فإذا قدم رجالكن فأخبرنهم بذلك ثم عطف يريد الهرب إذ نظر إلى فارسين قد خرجا من قلب العسكرأحدهما قد تكمى في سلاحه والآخر عاري الجسد وقد أطلقا عنانهما كأنهما أسدان وكانا خالدا وضرارا فلما رأت خولة أخاها قالت له: إلى أين يا أبن أقبل فصاح بها بطرس انطلقي إلى أخيك فقد وهبتك له ثم ولى يطلب الهرب فقالت له خولة: وهي تهزأ به ليس هذا من شيم الكرام تظهر لنا المحبة والقرب ثم تظهر الساعة الجفاء والتباعد وخطت نحوه فقال قد زال عني ما كنت أجد من محبتك فقالت له خولة: لا بد لي منك على كل حال ثم اسرعت إليه وقد قصده ضرار فقال له بطرس: خذ أختك عني فهي مباركة عليك وهي هدية مني إليك فقال له الأمير ضرار: قد قبلت هديتك وشكرتها وإني لا أجد لك على ذلك إلا سنان رمحي فخذ هذه مني إليك ثم حمل عليه ضرار وهو يقول: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}[النساء: ٨٦] ثم همهم إليه بالطعنة ووصلت إليه خولة فضربت قوائم فرسه فكبا به الجواد ووقع عدو الله إلى الأرض فأدركه ضرار قبل سقوطه وطعنه في خاصرته فأطلع السنان من الجانب الآخر فتجندل صريعا إلى الأرض فصاح به خالد لله درك يا ضرار هذه طعنة لا يخيب طاعنها.
ثم حملوا في أعراض القوم وجميع المسلمين معهم فما كانت إلا جولة جائل حتى.