قال الراوي: حدثنا ربيعة بن هيثم عن عبد الله التنوخي عن عبدان بن عطية قال: ما أسلم من أهل الجزيرة الأحران فلما رآهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخلوا في الإسلام قالوا: اللهم ثبتهم على دينك ولا تمكن من بلدهم عدوا وأعادوا الكنائس مساجدا وجوامع وسلموا الصحابة ما حول حران والرهان تسليما وأتى يوقنا من الرها إلى حران واجتمع بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاورهم في أمر الرها وكيف يكون حكمها فقال سعيد بن زيد إنك قد أخذت هذا البلد بحيلتك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحرب خدعة" وقد صار كل من فيها عبيدا للمسلمين هم وأموالهم فقال يوقنا أنتم تعلمون أن أكثر الجزيرة ما ملكتموه وثم إلى الآن حصون وموانع والصواب أن تصنعوا جميلا وخيرا يعلو به ذكركم ويرتفع به فخركم فقال له سعيد: إذا كان الأمر على ما ذكرته فاتركوهم على حالهم حتى نرى ما يرى فيهم الأمير عياض بن غنم قال ففعلوا ذلك ثم أن الأخبار اتصلت بالملك شهرياض أن حران والرها وسروج والسخن وأكساس والعمق قد صارت كلها للعرب فأيقن بزوال ملكه فدخل إلى رأس العين هو ومن يثق به وصلوا في بيعة نسطوريا وهي الجامع اليوم فلما فرغوا من صلاتهم قال: يا معاشر الروم اعلموا أن العرب قد شاركونا في بلادنا وقد صار لهم معاقل يجتمعون فيها وتقود بأودهم ويصل إليهم منها الميرة والعلوفة وتجيئهم منها الأموال والخابور وفيها كلها حكمهم وما بقي بيننا وبينهم إلا هذا المصف فإن كان لنا فلا مقام للعرب بيننا وإن كان للعرب فالبلاد لهم من دوننا وقد رأيت رأيا فيه السداد فقالوا: وما هو قال أرى أن أماطلهم بالمصف ونكتب للملكين المعظمين شقر وزعفرة فلعلهما ينجدونا بعسكرهما ونكاتب الملك حرفتاس بن فارس ونكاتب الملك الانطاق صاحب نينوي وبلادها والى الحبرا بن صاحب الهكارية فإذا أرسلوا الينا عسكرهم نستعين بالمسيح ونلقي المسلمين والله يعطي نصره لمن يشاء فقالوا: هذا رأي جيد فكتب الكتب وأرسل الرسل إلى الملوك المذكورة وعاد إلى عسكره.
قال الواقدي: وما منع عياض بن غنم عن حرب القوم إلا أنه رأى أن البلاد تفتح لأصحابه بدون قتال فلم يستعجل لأنه قوي ظهره بالبلاد التي فتحت وأيضا أنه كتب إلى.