للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبيدة بن الجراح يطلب منه خبرا يأتيه قال: ووصلت كتب الملك شهرياض إلى أصحاب الأقاليم فما منهم إلا من عين عسكرا لنصرته قال: ووصل مكتوبه إلى صاحب أخلاط وكان له بنت ذات جمال فائق وكانت من الشجاعة على جانب عظيم وكان اسمها طاريون وكان مستقرها بجبل سموه باسمها وكان كل من خطبها لا ترضى به إلا أن تلقاه في الميدان فإن قهرها كانت له زوجة قال: وإنها غلبت جميع خطابها وكان من جملة من خطبها غلام اسمه سوسى بن سلنطور صاحب جبل النساسنة وكان قد قدم إلى أخلاط بهدية من ابيه إلى أبيها فقالت هي على شرط معروف فبارزته في الميدان فقهرته وجزت ناصيته ومرت الأيام والليالي فلما بعث الملك شهرياض يستنجد الملوك وأرسل إلى صاحب أخلاط أرسل إليه أربعة آلاف فارس وأمر عليهم ابنته طاريون وقال لها أي بنية قد قدمتك على الجيش وأريد منك أن تظهري على العرب ما كنت تظهرين به على الفرسان حتى تشكري عند أمة المسيح قال: وأرسل معها ملك السناستة نجدة وهم ألف رجل وكان المقدم عليهم ولده فسار في صحبتها وكان الغلام قد كمل شأنه وحسن كماله وابتدر هلاله ولم يكن أحد في زمانه يوصف بجماله فلما نظرت طاريون إلى حسنه وجماله نظرته بعين المحبة فوقع قلبها في شبكة عشقه فسيرت رجالها مع رجاله.

قال الواقدي: وأحسن ما رأيت في هذه الفتوح أنه كان لهذه الجارية ابن عم اسمه برغون وكان يحبها ولا يستطيع أن يسمع بذكرها وكان من أهل الشجاعة والشدة كان تحت يده من المعاقل حيزان والمعدن وأبزون وقف وأنطر وايدليس وأرزن وإنه سار ينجد شهرياض في ثلاثة آلاف فلما عبر جيش ابنة عمه طاريون بيدليس اهتم لها وأكرمها وأهدى لها الهدايا والتحف وسار معها إلى أن عبروا حصن كيفا وأخذوا طريقهم على الموزر ونزلوا على حصن يعرف بالهتاج على طريق النهر وكان لابن عمها عيون يطلعونه على أخبارها قال فلما نزلت على النهر أرسلت إلى الغلام سوسي الذي تحبه وهي تقول له اعلم أن المحبة الصادقة لا تكون إلا بعد العداوة المفرطة وقد ندمت على ما فات وما كان مني اليك وقد رأيت إنك بعد رجوعنا من قتال العدو ترسل إلى أبي وتطلبني منه ولكن أريد منك أن تصل الي ليلا في خفية من ابن عمي يرغون حتى تحلف إلى إنك ترسل إلى أبي وتطلبني منه وأحلف لك أني لا اريد سواك وبعثت له بهدايا مع بعض خدمها وأرسلت معه شيئا من الحلوى وأرسلت مثل ذلك لابن عمها ولكل أمير صحبها حتى لا ينكر عليها قال: وإن ذلك الخادم قد علم بما جرى وكان هذا الخادم قد ربى ابن عمها على كتفه وكان يحبه محبة شديدة فأعلمه بما وقع من حديثها مع الغلام سوسي بن سلنطور وهي تريد أن تجتمع به الليلة حتى تحلف له أنها ما تريد غيره قال فكتم يرغون أمره فلما جن الليل طلب عظماء جيشه وقال لهم: اعلموا أني ما وليت عليكم إلا وقد علم المسيح أن عقلي أوفر من عقلكم وقالوا: أيها الصاحب أعلمنا بما تريد حتى نقبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>