للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العساكر فلما سمع كتاب هربيس وثب قائما على قدميه وقال للأمير أبي عبيدة رضي الله عنه اقسمت عليك أيها الأمير برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما سمعت مقالي فإن فيه صلاحا للمسلمين فالله وفقني لمقالة أريد المسلمين بها قال أبو عبيدة رضي الله عنه: قل: يا أبا عمرو فأنت عندنا ناصح للمسلمين قال فدنا من الأمير ابي عبيدة وسارره وقال له: اصلح الله الأمير اعلم أن خبرك عند هؤلاء منذ نزلت على هؤلاء اللئام وهذا البطريق اشد منعة واعظم جولة ممن كان قبله وقد علم بفتوح بعلبك وإنك لا بد أن تنزل على حصارها وقد استدعى بالطعام والعلوفة وآلة الحصار وقد شحنا بالرجال وما ترك في رساتيقها وقراها طعاما إلا وقد خزنوه عندهم ما يكفيهم أعواما وأن نحن حاصرناهم يطول الأمر كما طال أمرنا على دمشق والرأي عندي أن تخدعهم بخديعة وتحتال عليهم بحيلة فإن تمت لنا عليهم الحيلة فتحنا المدينة عن قريب أن شاء الله تعالى قال أبو عبيدة رضي الله عنه: وما الحيلة عندك يا ابن عمرو فقال الرأي عندي أن نكتب إلى هولاء القوم أن يجبرونا بالزاد والعلوفة ونضمن لهم أن نرتحل عنهم إلى أن يفتح الله تعالى عليك غير مدينتهم ونرجع إليهم وقد قل: زادهم وانتشروا في سوادهم وتفرقوا في امصارهم وتجاراتهم ونشن عليهم غارة فنملك ما ظهر منهم ويهون عليك أمر من بقي في حمص مع قلة الزاد والعلوفة فقال أبو عبيدة: اصبت بالرأي يا ابن عمرو إني سوف افعل ما ذكرته ونرجوا من الله التوفيق والعون.

ثم دعا أبو عبيدة رضي الله عنه بدواة وبياض وكتب جواب الكتاب يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاني رأيت في قولك صلاحا لنا ولكم ولسنا نريد البغي على أحد من عباد الله عز وجل وقد علمت أن عسكرنا كثير وخيلنا وابلنا كثير فإن أردتم أن نرتحل عنكم فابعثوا لنا ميرة خمسة ايام وانتم تعلمون أن الطريق الذي امامنا بعيد وما نلقي بعدكم إلا كل حصن منيع وابواب حديد فإذا مونتمونا رحلنا عنكم إلى بعض مدائن الشام فإذا فتح الله علينا بعض مدائن الشام رجعنا عنكم كما زعمتم فإن فعلتم ذلك كان صلاحا لكم وطوى الكتاب وسلمه إلى الرسول وسار إلى حمص فلما قرأ هربيس الكتاب فرح بذلك وجمع الرؤساء والرهابين وقال لهم: اعلموا أن العرب قد بعثوا يطلبون منكم الزاد والميرة حتى يرحلوا عنكم فإن العرب مثلهم كمثل السبع إذا وجد فريسته لم يرجع إلى غيرها وهم قد لحقهم الجوع في مدينتكم وإذا اشبعناهم انصرفوا عنا فقالوا: أيها الأمير نخاف من العرب أن يأخذوا الزاد والعلوفة ولا يرحلوا عنا فقال أنا نأخذ لكم عليهم العهود والمواثيق إنكم إذا امرتموهم يرحلون عنكم فقالوا: افعل ما بدا لك واستوثق لنا ولك قال فبعث هربيس واحضر القسوس والرهبان وامرهم أن يخرجوا إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه ويأخذوا عليهم العهود والمواثيق إذا أمرناهم يرحلون عنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>