للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب وحق المسيح قال: ونزل المسلمون حول حمص وداروا بها من كل جانب ومكان وقد نفذ الزاد من المدينة واكثر اهلها قد خرجوا إلى تجارتهم وفي طلب الميرة وقد تفرقوا في البلاد فلما نزل الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه على حمص دعا بالعبيد والموالي وأمرهم أن يتفرقوا على الطرقات والمحارس وقال لهم: كل من وجدتموه قد رجع إلى حمص بزاد أو تجارة فاتوني به ففعل العبيد ذلك وصعب على هربيس صاحب حمص وكتب إلى الأمير أبي عبيدة كتابا يقول فيه: أما بعد يا معاشر العرب فانا لم نخبر عنكم بالغدر ولا بنقض العهد ألستم صالحتمونا على الميرة فمرناكم فطلبتم منا البيع فابتعناكم فلم نقضتم ما عاهدناكم عليه فكتب الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه يقول: أريد أن ترسل إلى القسوس والرهبان الذين أرسلتهم الي حتى أوقفهم على ما عاهدتهم عليه ليعلموك أننا لم نغدر ولا مثلنا من يفعل ذلك أن شاء الله تعلى فلما قرأ هربيس الكتاب أحضر القسوس والرهبان وبعث بهم إلى الأمير أبي عبيدة فخرجوا إليه وفتح لهم باب حمص وساروا إلى أن وصلوا للأمير ابي عبيدة فسلموا عليه وجلسوا بين يديه فقال لهم أبو عبيدة رضي الله عنه: ألم تعلموا إني عاهدتكم وحلفت لكم إني منصرف عنكم حتى افتح مدينة من مدائن الشام سهلا كان أو جبلا ثم يكون الرأي لي أن شئت رجعت إليكم او سرت إلى غيركم فقالوا: بلى وحق المسيح فقال لهم: أن الله تعالى قد فتح علينا شيزر والرستن في اهون وقت وقد غنمنا الله مال بطريقهم نكس وغيره مما لم نؤمله في هذه المدة اليسيرة والآن فلا عهد لكم عندنا ولا صلح إلا أن تصالحونا على فتح المدينة وتكونوا في ذمتنا وأمانتنا فقال القسوس والرهبان لقد صدقت أيها الأمير ليس عليكم لوم وقد وفيتم بذمتكم وقد بلغنا فتحكم شيزر والرستن والخطا كان منا إذ نستوثق لأنفسنا والآن الأمر بيد بطريقنا ونحن نرجع إليه ونعلمه بذلك ثم رجعوا إلى مدينتهم ودعا الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه بالرجال والأبطال وأهل الحرب وقال خذوا أهبتكم فإن القوم بلا زاد ولا مدد يأتي إليهم من عند طاغيتهم ولا نجدة فاستعينوا بالله وتوكلوا على الله.

فلبس المسلمون السلاح والعدد ورجعوا إلى الأبواب والاسوار واجتمع أهل أحمص ببطريقهم هربيس وقالوا: ما عندك من الرأي في أمر هؤلاء العرب فقال الأمر عندي أن نقاتلهم ولا نريهم منا ضعفا قالوا: فإن الزاد قد نفد من مدينتنا وقد أخذه القوم منا وما سمعنا بمثل هذه الحيلة فقال هربيس ما لكم تعجزون عن حرب عدوكم وما قتل منكم قتيل ولا جرح منكم جريح ولم تصبكم شدة ولا جوع وإنما اصابوا منكم على غرة ولو دخلوا المدينة لما قدروا عليكم وأقل الرجال على السور يكفيكم إياهم وعندي من الزاد في قصري ما يعم كثيركم المدة الطويلة وما أحسب أن الملك هرقل يغفل وسيبلغه خبركم ويوجه العساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>