مخزوم وجعلوا يضربون فيهم بسيوفهم ويطعنون برماحهم حتى طحنوهم طحن الحصيد ووضع المسلمون فيهم السيف وحمل ابن مسروق العبسي في طائفة من قومه من بني عبس وقد رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير وصدموا الروم صدمة عظيمة فتراجعت الروم إلى الاسوار وقد فشا فيهم القتل فبربرت الروم بلغاتها وتراجعت على المسلمين واحاطوا بهم من كل جانب ومكان ورشقت العلوج بالنشاب وطعنوا في المسلمين بالحراب وقد استتروا بالدرق والطوارق قال فلما نظر خالد بن الوليد إلى ذلك برز باللواء وكان هو صاحب اللواء يوم حمص وصاح خالد بأصحابه وقال شدوا عليهم بالحملة بارك الله فيكم فإنها والله غنيمة الدنيا والآخرة قال فبينما خالد بن الوليد يحرض أصحابه على القتال إذ حمل عليه بطريق من عظماء الروم وعليه لامة مانعة وهو يهدر كالاسد فحمل خالد بن الوليد عليه وضربه على رأسه فوقع سيفه على البيضة فطار السيف من يد خالد بن الوليد وبقيت قبضته في يده فطمع العلج فيه وحمل عليه ولاصقه حتى حك ركابه بركاب خالد وتعانقا جميعا بالسواعد والمناكب فضم خالد العلج إلى صدره واحتضنه بيده وشد عليه بقوته فطحن أضلاعه وأدخل بعضها في بعض فارداه قتيلا وأخذ خالد سيف العلج وهزه في يده حتى طار منه الشرر ووضع رأسه في قربوس سرجه وحمل وصاح في بني مخزوم فحملوا حملة عظيمة وهاجوا في أوساطهم وخالد بن الوليد رضي الله عنه يفرقهم يمينا وشمالا وهو ينادي برفيع صوته.
أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزالوا في القتال الشديد الذي ما عليه من مزيد حتى توسطت الشمس في كبد السماء وحمى الدرع على خالد بن الوليد رضي الله عنه فخرج من المعركة وبنو مخزوم يتقاطرون من خلفه والدم يسيل ملء درعهم وسواعدهم كأنها شقائق الأرجوان وخالد بن الوليد رضي الله عنه في أوائلهم وهو يقول:
ويل لجمع الروم من يوم شغب
...
إني رأيت الحرب فيه تلتهب
وكم لقوا منا مواقع النصب
...
وكم تركت الروم في حال العطب
قال فناداه الأمير أبو عبيدة لله درك يا أبا سليمان لله ربك لقد جاهدت في الله حق جهاده فلما نظر المرقال بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى غفلة الروم صاح في بني زهرة وحملوا في ميمنة الروم وحمل ميسرة بن مسروق العبسي في قومه وحمل عكرمة بن أبي جهل وحوله جمع كثير من بني مخزوم وحمل المسلمون بأجمعهم وقد اطلعوا على الشهادة وأيقنوا بالعناية.