للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمره فاكتبوا إلى أمير المؤمنين عمر حتى يوجهني إليكم حتى أقلب أرض الشام على من فيها من المشركين أن شاء الله تعالى قال فسار بن عامر وهو يقول:

نسير بجيش من رجال أعزة

...

على كل عجعاج من الخيل يصبر

إلى شبل جراح وصحب نبينا

...

لننصره والله للدين ينصر

على كل كفار لعين معاند

...

تراه على الصلبان بالله يكفر

قال وسار يجد السير قال سعيد بن عامر وكنت عارفا ببلاد الشام وطرقه وكنت أسير إليه في السنة مرة أو مرتين عسفا من غير جادة طريق اسير على الكواكب فلما سرت من المدينة وأنا بين يدي المسلمين سلكت بهم على طريق بصرى فضللت عن الطريق وعدلت عن الجادة وأنا محترز من العدو وخائف على المسلمين فجعلت أحيد عن العمارات وأسلك الفلاة توفيقا من الله واكراما ولطفا بعباده المؤمنين فلما ضللت أشكل علي الطريق كأني ما سلكته يوما قط فوقفت حائرا حتى تلاحق بي المسلمون فلم أعلمهم بأمري ولا إني ضللت عن الطريق وأنا أقول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فسرت يومين وليلتين وأنا أتيه بالناس والمسلمون يسألونني عن ذلك وأنا أقول لهم إني على طريق فلما كان في اليوم العاشر من مسيرنا من المدينة لاح لي جبل عظيم فنظرت إليه وحققته فلم أعرفه فقلت: غررت والله بالمسلمين وأنا أقول في نفسي أترى هذا جبل بعلبك وقد سهل علينا الطريق وكان الجبل قد لاح لنا من بعيد من أول النهار وما أدركناه إلا والليل قد أقبل فلما صرنا بقربه اعترضنا واد عظيم فيه شجرة عظيمة كبيرة قال فلما تاملت الشجرة عرفتها وقلت لأصحابي: أبشروا فقد وصلنا إلى بلاد الشام وفتح المسلمين ودخلنا الوادي وإذا به وعر ليس فيه جادة ولا طريق فلحق المسلمين من هوله تعب عظيم قال سعيد بن عامر وكان أكثر المسلمين رجالة وإنما كان يحمل بعضهم بعضا ويتعقبون على ظهور الخيل والإبل.

فلما نظرت المسلمون إلى وحشة ذلك الوادي ووعورة مسلكه قالوا: يا سعيد أنا نظنك إنك قد أخطأت الطريق وسلكت بنا غير طريقنا فأرحنا في هذا الوادي قليلا فقد اضر بنا المسير قال فأجبتهم إلى ذلك وكان في الوادي عين ماء غزيرة فنزل المسلمون عليها فشربوا وسقوا خيلهم وابلهم ورعت الخيل والجمال ورق الشجر ونام أكثر الناس وبعضهم يصلي على محمد قال سعيد بن عامر وكنت جلست في آخر الناس أحرسهم وأنا أتلوا القرآن العظيم وأدعو الله لنا بالسلامة إذ غلبتني عيني فنمت فرأيت في منامي كأني في جنة خضراء كثيرة الاشجار والثمار وكأني آكل من ثمرها وأشرب من أنهارها وأجني من ثمرها وأنأول أصحابي وهم يأكلون وأنا فرح مسرور فبينما أنا كذلك إذ خرج من بين تلك الشجر أسد عظيم فزأر في وجهي وهم أن يفترسني. وأنا من

<<  <  ج: ص:  >  >>