خالد: ما الذي قلت لقومك: فأخبره بمقالته فقال خالد: أن كنت أوتيت العقل فالله تعالى المحمود على ذلك وقد سمعنا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: "لما خلق الله تعالى العقل وصوره وقدره قال أقبل فأقبل ثم قال له: أدبر فادبر فقال الله تعالى وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحب الي منك بك تنال طاعتي وتدخل جنتي" فقال ماهان اذا كنت بهذا العقل والفهم فلم جئت بهؤلاء معك قال خالد بن الوليد رضي الله عنه: جئت بهم لاشاورهم قال ماهان وأنت مع جودة عقلك وحسن رأيك وبصيرتك تحتاج إلى مشورة غيرك قال خالد: نعم بهذا أمر الله عز وجل نبينا محمدا صلى الله عنه فقال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}[آل عمران: ١٥٩] وقال صلى الله عليه وسلم: "ما ضاع امرؤ عرف قدره ولا ضاع مسلم استشار" فأنا وأن كنت ذا رأي وعقل كما تزعم وكما بلغك فاني لا استغني عن رأي ذي رأي ومشورة أصحابي قال ماهان وهل في عسكركم من له رأي مثل رأيك وحزم مثل حزمك قال: نعم أن في عسكرنا أكثر من ألف فارس لا يستغني عن رأيهم ولا عن مشورتهم فقال له ماهان: ما كنا نظن ذلك فيكم وإنما كان يبلغنا عنكم إنكم طماعون جهال لا عقول لكم بغير بعضكم على بعض وينهب بعضكم أموال بعض فقال له خالد رضي الله عنه: ذلك كان شأن أكثرنا حتى بعث الله عز وجل فينا نبينا محمدا صلى لاله عليه وسلم فهدانا لرشدنا وعرفنا سبيلنا وفهمنا الخير من الشر والهدى من الضلال فقال ماهان يا خالد إنك قد أعجبتني بما أراه من رأيك وبصيرتك وقد أحببت أن اؤاخيك فتكون أخي وخليلي فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: وافرحاه أن تمم الله مقالتك فتكون إذا سعيدا ولا نفترق فقال ماهان وكيف ذلك قال خالد: تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله الذي بشر به عيسى ابن مريم فإذا فعلت ذلك كنت أخي وكنت أخاك وتكون خليلي وأكون خليلك ولا نفترق إلا لامر يحدث فقال ماهان أما ما دعوتني إليه من الترك لديني والدخول في دينكم فمالي إلى ذلك من سبيل فقال خالد بن الوليد: وكذلك أيضا لا سبيل إلى مؤاخاتي لك وأنت مقيم على دينك دين الضلال قال ماهان أريد أن ألقى الحشمة بيني وبينك وأكلمك كلام الأخ لاخيه فأجبني عن كلامي الذي دعوتك إليه حتى أسمع ما تقول.
قال خالد: أما بعد فانك تعلم أن الذي ذكرته مما فيه قومك من الغنى والعز ومنع الحريم والظهور على الأعداء والتمكن في البلاد فنحن عارفون به وكل ما ذكرته من انعامكم على جيرانكم من العرب فقد عرفنا ولكن انما فعلتم ذلك ابقاء لنعمتكم ونظرا منكم لأنفسكم وذراريكم وزيادة لكم في مالكم وعزا لكم فتستكثرون جموعكم وتلقون الشوكة على من أرادكم وأما ما ذكرته من فقرنا ورعينا الإبل والشاة فما منا من لم يرع وأكثرنا رعاة ومن رعى منا كان له الفضل على من لم يرع وأما قولك بأننا أهل فقر.