الأذان فلما أذن دخل المسجد وهو يقول: الصلاة رحمكم الله قال ميسرة فقمت وتوضأت وصليت خلف عمر صلاة الفجر فلما انحرف عن محرابه قمت إليه وسلمت عليه فلما نظر الي صافحني واستبشر وقال ميسرة ورب الكعبة ثم قال: ما وراءك يا ابن مسروق قلت: الخير والسلامة يا أمير المؤمنين ثم ناولته الكتاب فقراه على المسلمين فاستبشروا به فقال: ما ترون رحمكم الله فيما كتب به أبو عبيدة فكان أول من تكلم عثمان بن عفان رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين أن الله قد أذل الروم وأخرجهم من الشام ونصر المسلمين عليهم وقد حاصر أصحابنا مدينا ايلياء وضيقوا عليهم وهم في كل يوم يزدادون ذلا وضعفا ورعبا فإن أنت اقمت ولم تسر إليهم رأوا إنك بأمرهم مستخف ولقتالهم مستحقر فلا يلبثون إلا اليسير حتى ينزلوا على الصغار ويعطون الجزية فلما سمع عمر ذلك من مقال عثمان جزاه خيرا وقال هل عند أحد منكم رأي غير هذا فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه نعم عندي غير هذا الرأي وأنا ابديه لك رحمك الله فقال عمر وما هو يا أبا الحسن قال أن القوم قد سألوك وفي سوالهم ذلك فتح للمسلمين وقد اصاب المسلمين جهد عظيم من البرد والقتال وطول المقام وإني ارى إنك أن سرت إليهم فتح الله هذه المدينة على يديك وكان في مسيرك الأجر العظيم في كل ظمأ ومخمصة وفي قطع كل واد وصعود جبل حتى تقدم إليهم فإذا أنت قدمت عليهم كان لك وللمسلمين الأمن والعافية والصلاح والفتح ولست آمن أن يياسوا منك ومن الصلح ويمسكوا حصنهم ويأتيهم المدد من بلادهم وطاغيتهم فيدخل فلا يتخلفون عنه والصواب أن تسير إليهم أن شاء الله تعالى قال ففرح عمر بن الخطاب بمشورة علي رضي الله عنه وقال: لقد أحسن عثمان النظر في المكيدة للعدو وأحسن علي المشورة للمسلمين فجزاهما الله خيرا ولست أخذ إلا بمشورة علي فما عرفناه إلا محمود المشورة ميمون الغرة ثم أن عمر رضي الله عنه أمر الناس بأخذ الأهبة للمسير معه والاستعداد فأسرع المسلمون إلى ذلك واستعدوا وتأهبوا وأمر عمر أن يكونوا خارج المدينة ففعلوا ذلك وأتى عمر المسجد فصلى فيه أربع ركعات ثم قام إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليهم وعلى ابي بكر رضي الله عنه واستخلف على المدينة علي بن أبي طالب وخرج من المدينة وأهلها يشيعونه ويودعونه.
قال الواقدي: وخرج عمر من المدينة وهو على بعير له أحمر وعليه غرارتان في أحداهما سويق وفي الأخرى تمر وبين يديه قربة مملوءة ماء وخلفه جفنة للزاد وخرج ومعه جماعة من الصحابة قد شهدوا اليرموك وعادوا إلى المدينة منهم الزبير وعبادة بن الصامت وسار عمر نحو بيت المقدس فكان إذ نزل منزلا لا يبرح منه حتى يصلي الصبح فإذا انفتل من الصلاة أقبل على المسلمين وقال الحمد لله الذي أعزنا بالإسلام واكرمنا بالإيمان وخصنا بنبيه عليه الصلاة والسلام وهدانا من الضلالة وجمعنا بعد الشتات على