للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السالفة والأخبار الماضية وكان يجتمع إليه الروم من اقصى بلادها ينظرون إلى عظيم خلقته ويسمعون الفاظ حكمته وكانت آهلة بالخلق عامرة بالناس وكان فيها ألف فارس وكان العرب يقصدونا ببضائعهم وتجارتهم من اقصى اليمين وبلاد الحجاز فإذا كان في أيام الموسم ينصب لبطريقهم كرسي ليجلس عليه ويجتمع الناس إليه ويستفيدون من علمه وحكمته فبينما هم قد اجتمعوا إليه وقعت الضجة بقدوم شرحبيل بن حسنة وعسكره فبادر إلى جواده فركبه وصاح في قومه فأجابوه وقال: لا تتحدثوا حتى نسمع كلام القوم وما عندهم ثم سار حتى قرب من شرحبيل بن حسنة وجيشه ونادى يا معشر المسلمين أنا روماس وإني أريد صاحبكم قال فخرج إليه شرحبيل فلما قرب منه قال البطريق من انتم قال شرحبيل: من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم النبي الأمي القرشي الهاشمي المنعوت في التوراة والإنجيل فقال روماس ما فعل الله به.

فقال شرحبيل: قبضه الله إليه فقال البطريق فمن ولى الأمر بعده قال عتيق بن أبي قحافة بن بكر بن تيم بن مرة فقال روماس وحق ديني لقد أعلم بأنكم على الحق ولا بد لكم أن تملكوا الشام والعراق وأنا اشفق عليكم إذا بتم في جمع يسير ونحن في جمع كثير ولكن ارجعوا إلى بلادكم فأنا لا نتعرض لكم واعلم يا أخا العرب أن أبا بكر هو صاحبي ورفيقي ولو كان حاضرا ما قاتلني فقال شرحبيل لو كن وله أو ابن عمه لما عفا عنه إلا أن يكون من أهل ملته وليس له في الأمر شيء لانه مكلف وقد امره الله أن يجاهدكم ولسنا نبرح عنكم إلا باحدى ثلاث أما أن تدخلوا في ديننا أو تأدوا الجزية أو السيف فقال روماس وحق ما اعتقده من ديني لو كان الأمر الي ما أقاتلكم لاني أعلم إنكم على حق وهؤلاء طواغية الروم وقوم مجتمعون وإني أريد أن ارجع إليهم وانظر ما عندهم فقال شرحبيل ارجع إليهم فلا بد لكم بما ذكرت قال فعاد روماس إلى قومه وجمعهم وقال: يا أهل دين النصراينة وبني ماء المعمودية أن الذي كنتم تعتقدونه في كتبكم من الخروج من بلادكم ودياركم ونهب أموالكم قد قرب وهذا وقته وزمانه ولستم اعظم جيشا من روبيس سار إلى شرذمة من العرب بأرض فلسطين فقتل وقتل من معه وانهزم الباقون ولقد بلغني أن رجلا منهم قد خرج من ارض السماوة صوب العراق اسمه خالد بن الوليد وقد فتح أركة والسخنة وتدمر وحوران وهو عن قريب يحضر إليكم والصواب أن تؤدوا الجزية عن يد إلى هؤلاء العرب وينصرفون عنكم قال فلما سمع قومه ذلك غضبوا وشوشوا وهموا بقتله فقال روماس يا قوم إنما أردت أن أختبركم وأرى حمية دينكم والان دونكم والقوم وأنا في اولكم قال: فرجعت الروم إلى عددها وعديدها وتظاهروا بالدروع البيض وقادوا الجنائب وتهيئوا للحملة فلما رأى شرحبيل بن حسنة ذلك وعظ أصحابه وقال اعلموا رحمكم الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الجنة تحت ظلال السيوف وأحب ما قرب إلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>