للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحبار معه وكان أهل المدينة يظنون أن عمر يقيم بالشام لما يرون من كثرة خيرها وطيب فواكهها ورخص أسعارها ولما يخبرون عنها إنها بلاد الأنبياء وهي الأرض المقدسة وفيها المحشر فبقى الناس يتطاولون نحوه ويخرجون في كل يوم ينظرونه حتى قدم عمر رضي الله عنه فارتجت المدينة يوم قدومه واستبشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه برؤيته وسلموا ورحبوا به وهنئوه بما فتح الله على يديه فأول ما بدأ بالمسجد سلم على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى ابي بكر الصديق رضي الله عنه ثم صلى ركعتين وعاد بكعب الأحبار وقال حدث المسلمين بما رايت في الوقتين فازداد الناس إيمانا.

قال أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي حدثنا أحمد بن الحسين بن العباس المعروف بأبي سفيان النحوي قال حدثنا أبو جعفر بن أحمد بن عبيد الناسخ قال حدثني عبد الله بن أسلم الزهري وعبد الله بن يحيى الزرقي عمن حدثه ممن تقدم ذكرهم واسماؤهم أول الكتاب وحديث القوم قريب بعضه من بعض والله يعيذنا من الزيادة والنقصان لأن الصدق أمانة والكذب خيانة والله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ما اعتمدت في خبر هذه الفتوح إلا على الصدق وما حدثت حديثه إلا على قاعدة الحق لاثبت فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهادهم حتى أرغم بذلك أهل الرفض الخارجين على أهل السنة إذ لولاهم بمشيئتة الله تعالى لم تكن البلاد للمسلمين وما انتشر علم هذا الدين فلله درهم لقد جاهدوا في الله حق جهاده لا جرم وقد قال فيهم الملك المقتدر: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: ٢٣] .

قال الواقدي: وذلك إنه لما بعث عمر بن الخطاب أبا عبيدة رجعله أمير الشام وأمره بالمسير إلى حلب وانطاكية والمفرق وما يليهم من الحصون بعث عمرو بن العاص إلى مصر ويزيد بن أبي سفيان إلى ساحل الشام فنزلوا قيسارية وهي آهلة بالخلق كثيرة الجند وكان عليها قسطنطين إلى أن نزل يزيد وقسطنطين هذا ابن الملك هرقل وكان معه ثمانون ألف من الروم والعرب المتنصرة والروسية فلما نظر قسطنطين إلى نزول يزيد بن أبي سفيان عليه بعث إلى ابيه يستنجده فبعث إليه هرقل بصاحب مرعش وعشرين ألفا من أبطال الروسية وأنفذ له المراكب بالزاد والعلوفة فلما نظر يزيد إلى ذلك وأن لا قدرة له على ذلك كتب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يقول: بسم الله الرحمن الرحيم من يزيد بن أبي سفيان العامل على بعض الشام إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه إني نازلت أهل قيسارية وهي مدينة آهلة بالخلق كثيرة الجند وليس إليها سبيل وأن قسطنطين قد استنجد بأبيه وقد انجده بصاحب مرعش وعشرين ألفا والمراكب ترد عليه كل يوم بالعلوفة والزاد واريد النجدة والسلام وبعث الكتاب مع عمرو بن سالم بن حميد النخعي فلما ورد المدينة وسلم الكتاب إلى عمر بن الخطاب قال عمر من أين هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>