العرب لا يبرز لي إلا اميركم فأنا صاحب بصرى قال فخرج إليه خالد رضي الله عنه كالاسد الضرغام وقرب منه فقال له البطريق: أنت أمير القوم قال: كذلك يزعمون إني أميرهم ما دمت على طاعة الله ورسوله فإن عصيته فلا إمارة لي عليهم قال البطريق: إني رجل عاقل من عقلاء الروم وملوكهم وأن الحق لا يخفى عن ذي بصيرة واعلم إني قرأت الكتب السابقة والأخبار الماضية فوجدت أن الله تعالى يبعث قرشيا واسمه محمد بن عبد الله قال خالد: والله نبينا قال: انزل عليه الكتاب قال: نعم القرآن قال روماس البطريق أحرم عليكم فيه الخمر قال خالد: نعم من شربها حددناه ومن زنى جلدناه وأن كان محصنا رجمناه قال أفرضت عليكم الصلوات قال: نعم خمس صلوات في اليوم والليلة قال: أفرض عليكم الجهاد قال خالد: لولا ذلك ما جئناكم نبغي قتالكم قال روماس والله إني لاعلم إنكم على الحق وانيأحبكم وحذرت قومي منكم وإني خائف منكم فأبوا فقال خالد: فقل: اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يكون لك ما لنا وعليك ما علينا فقال: إني أسلمت واخاف أن يعجل هؤلاء بقتلي وسلبي حريمي ولكن أنا اسير إلى قومي وارغبهم فلعل الله أن يهديهم فقال خالد: وأن رجعت إلى قومك بغير قتال يكون بيني وبينك خفت عليك ولكنأحمل علي حتى لا يتهموك وبعد ذلك اطلب قومك فحمل بعضهم على بعض وأرى خالد الفريقين ابوابا من الحرب حتى أبهر روماس فقال لخالد: شدد علي الحملة حتى يرى الديرجان فاني خائف عليك من بطريق بعث به الملك يقال له الديرجان فقال خالد: ينصرنا الله عليه ثم شدد على روماس الحملة حتى إنه انهزم من بين يديه إلى قومه فلما وصل إلى قومه قالوا: ما الذي رايت من العرب قال أن العرب اجلاد ما لكم بقتالهم طاقة ولا بد لهم أن يملكوا الشام وما تحت سريري هذا فادخلوا تحت طاعتهم وكونوا مثل اركة والسخنة قال فلما سمعوا كلامه زجروه وأرادوا قتله وقالوا: له: ادخل المدينة والزم قصرك ودعنا لقتال العرب فانصرف روماس وقال لعل الله ينصر خالد ثم أن أهل بصرى ولو عليهم الديرجان وقالوا: إذا فرغنا من المسلمين سرنا معك إلى الملك ونسأله أن ينزع روماس ويوليك علينا قال الديرجان: وما الذي تريدون قالوا: نحمل ونطلب قتال العرب قال فخرج الديرجان وطلب خالدا.
فقال عبد الرحمن لخالد يا أمير أنا أخرج إليه فقال دونك يا ابن الصديق فخرج عبد الرحمن وحمل على الديرجان فما لبثوا غير ساعة وقد أحس الديرجان من نفسه بالتقصير فولى منهزما وراح إلى قومه فلما رأوا ذلك منه نزل الرعب في قلوبهم وعلم خالد ما عند القوم من الفزع فحمل وحمل عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وحمل المسلمون فلما نظر أهل بصرى إلى حملة المسلمين حملوا وتلاقى الفريقان.