عبيدة وينادون أيها الأمير كبسنا يوقنا فعندها ركب الأمير في بعض الرجال وجعل يدور حول العسكر فنظر صاحب الروم إلى العرب وقد لحقته فصاح بأصحابه من كان أخذ شيئا فليتركه ويطلب نجاة نفسه قال عبد الله بن صفوان أخذوا من رجالنا نحو خمسين رجلا من أخلاط الناس واكثرهم من ربيعة ومضر ومضوا يجمع بعضهم بعضا ويطلبون القلعة فلما نظر خالد إلى ذلك حمل في أصحابه واقتطع من الروم زهاء من مائة رجل ووضع فيهم السيف فقتلهم عن آخرهم فلما وصل أصحاب يوقنا إلى القلعة فتح لهم وأدخلهم فلما أضاء الفجر وطلعت الشمس دعا يوقنا بالمسلمين الخمسين رجلا وهم موثقون بالحبال فقربهم إلى موضع ينظرهم المسلمون ويسمعون اصواتهم وهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله حتى قتلوا عن آخرهم فلما نظر أبو عبيدة إلى ذلك أمر مناديا ينادي في عسكره عزيمة من الله ورسوله ومن الأمير أبي عبيدة على كل رجل لا يكل حرسه إلى غيره ولكن كل رجل منكم حارس نفسه ولا يتكلم بعضكم مع بعض قال فأخذ القوم حذرهم وأعدوا حرسهم وأقبل يوقنا يدبر أمره في مكيدة أخرى ليكيد بها المسلمين إذ علم إنهم محاصرون ومع ذلك جواسيسه تأتيه بالأخبار في الليل والنهار وكان أعظم جواسيسه من متنصرة العرب لأنهم كانوا يحسنون لسان الرومية.
قال فبينما يؤقنا ذات يوم جالس في قلعته والبطارقة من حوله وقد أضر بهم الحصار وأشد ما كان عليهم من أهل المدينة لأنهم لا ينظرون إلى رجل من أصحابه يعرفونه إلا أخذوه وسلموه للمسلمين وإذا بجاسوس قد اقبل وهو من عيونه فقال له: أيها السيد أن أردت أن تكيد العرب فهذا وقتك فقال له: يوقنا وكيف ذلك وما الذي عندك من الخبر قال: أن العلافة منهم قد خرجوا إلى وادي بطنان وقد صالحوا أهله وعلوفة العرب ميرتهم منه وقد رأيت منهم جمالا وبغالا ومعهم طائفة منهم وعليهم القمصان الخلقة وبأيديهم الرماح المشبعة وهم يقصدون القرى في طلب الميرة وهم قليلون وليس هم في كثرة فلما سمع يوقنا ذلك من جاسوسه اختار ألفا من أصحابه وقال لهم: أصلحوا شأنكم فوحق المسيح لأضيقن على العرب مسالكهم ولاقطعن عليهم طرقاتهم فلما أقبل الليل فتح لهم الباب وسار الجاسوس أمامهم حتى استقاموا على الجادة وجعلوا يسيرون تحت جنح الليل فبينما هم كذلك إذ هم براع ومعه سرح من البقر يريد بها بلده وقد خرج بها من بلد آخر وهو يسير بها سيرا عنيفا فلما نظروا إليه أسرعوا نحوه وقالوا: احسست بأحد من العرب قد عبر عليك قال: نعم والشمس عند الغروب قد اصفرت وهم نحو مائة رجل على خيول وهم مسرعون ومعهم جمال وبغال وهم يريدون الميرة من هذا الوادي من الذين هم في صلحهم ولسنا نخاف منهم فقال له: المقدم عليهم الآن قد القيت علينامن صلح أهل هذا الوادي ما لم يكن عندنا منه خبر فبحق المسيح أخبرنا بأي طريق ذهبت العرب فقال من ههنا وأومأ بيده إلى الشرق