يميتهم بقبضة ويحييهم بنفخة فلما سمع القس ذلك من كلام الفضل ابن العباس قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله هذا هو العلم الذي استأثر به انبياء الله تعالى فلما نظر أهل عزاز إلى قسهم وقد أسلم اسلموا عن آخرهم إلا قليلا منهم والله أعلم.
قال الواقدي: حدثني عامر بن يحيى عن أسد بن مسلم عن دارم بن عياش عن جده قال لما أسلم أهل عزاز باسلام قسهم الذي كان معتقدهم عول الفضل ومالك على المسير إلى حلب فقال يوقنا أنا والله ما لي وجه أقابل به المسلمين لأني كنت قلت: قولا ودبرت أمرا فلم يتم لي وإني سائر إلى انطاكية فلعل الله أن يظفرني بالأعداء وينصرني عليهم فقال له الفضل: إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم ليس لك من الأمر شيء فلا تحمل قلبك هما فقال: ودين الإسلام لا أرجع إلا بأمر يبيض الله به وجهي عند اخواني المسلمين فنظر وقد صحبه مائتان من بني عمه ممن قد رسخ في قلوبهم الإيمان ولهم عيال وأولاد في حلب فاخذهم يوقنا وسار يريد انطاكية فلما قرب من ارضها أخذ منهم أربعة وأمر الباقي أن يتعوقوا خلفه أربعة ايام ثم يأتوا كأنهم هاربون من العرب ليتم ما دبره في خاطره وسار هو والأربعة على طريق حارم والباقي على طريق أرناح وقال لهم: الميعاد بيننا أنطاكية ففعلوا ذلك وساروا وسار هو إلى أن اشرف على دير سمعان المشرف على البحر فوجد هناك خيلا ورجالا يحفظن الطرقات فلما رأوا يوقنا والأربعة معه بادروا إليهم واستخبروهم عن حالهم فقال لهم يوقنا: أنا صاحب حلب وقد هربت من العرب فوكل بهم صاحب الدرك جماعة وأمرهم أن يسيروا بهم إلى الملك فأخذتهم الخيل وأتوا بهم إليه فوجدوه في كنيسة الفتيان يصلي فوقفوا حتى فرغ من صلاته فاوقفوا يوقنا بين يديه وقالوا: أيها الملك أن بطرس صاحب الحرس الذي عند دير سمعان قد وجه بهذا ومن معه إليك ويزعم إنه صاحب حلب فلما سمع هرقل ذلك قال له: يا يوقنا ما الذي أتى بك وقد بلغني إنك دخلت في دين العرب فقال: أيها الملك لقد بلغك الحق وذلك إني ما اسلمت إلا لمكيدة القوم حتى أتخلص من شرهم ومن كراهة منظرهم ونتن رائحتهم وإني قلت لهم: اسلم إليكم حصن عزاز واقتل صاحبها واخذت منهم مائة سيد من ساداتهم وسرت بهم وأمرت أن ينفذ ورائي ألف حتى إذا صاروا داخل الحصن اقبض عليهم وارسلهم إليك فعجل دراس علي ولم يفهم ما أضمرته ووثق بكلام جاسوسه ولم يثق بكلامي فقبض علينا فأتت العرب ووضعت السيف في أهلها وذلك أن لوقا قتل أباه رجل من العرب وأنا من جملتهم فلما اشتغلوا بالقتال والنهب هربت أنا وهؤلاء الأربعة وجئنا إليك ولولا محبتي في ديني ما كنت قتلت أخي يوحنا وصبرت على قتال العرب وحصارهم سنة كاملة.