الرس ومنا نفيل بن عبد المدان بن خشدم بن عبد ياليل بن جرهم بن قحطان بن هود عليه السلام عاش خمسمائة سنة وهو الذي بني المصانع واستخرج الكنوز وقاد الجيوش وورثه الله علم نبيه حنظله بن صفوان وقد ختم الله شرفنا ورفع قدرنا إذ جعل محمدا صلى الله عليه وسلم منا فنحن السادة وأنتم العبيد.
حدثنا سفيان عن عبد ربه قال أخبرنا رحيم قال حدثنا الوليد بن زيادة عن حزام ابن حكيم قال بلغني أن هذا الرجل يعني رفاعة بن زهير بن زياد بن عبيد بن سرية الجرهمي كان عالما بأنساب العرب وأخبارهم وملوكهم وكان طالع كتب هود وصالح وحنظله عليهم السلام فلما تكلم بحضرة الملك هرقل بهذا الكلام أراد البترك أن يعجزه بسؤال يلقيه عليه فقال: يا ذا الهمم العلية والقرائح الذكية بم تصل القلوب إلى نسيم العقل الروحاني وترقى إلى ملكوت اللاهوت والطيور الخفية الغائبة عن الأبصار بالأقطار وترقى في رياضات الألباب المصفاة من الأدناس والافكار النورانية بصفو اكدار الأخلاف المحيطة بالافكار من الهياكل الجسمانية فعند الصفو من مفارقة الكدر تعيش الأرواح عيشة الأبد الذي لا يصل إليه انحلال ولا اضمحلال فحينئذ يختلط العنصر بالعنصر ويطفو الصفو بالصفو ويرسب الكدر إلى الكدر فقال رفاعة بن زهير ما اصبت أيها البترك في مقالتك فقال: ولم قال رفاعة كيف تدل القلوب إلى علام الغيوب وقد حجب عنها صواب المصيب أم كيف يتخلص الصفو من الكدر بغير تهذيب من الكفر وكيف تحلى الافكار من غوامض الأسرار وهي في حجب الإغترار إذا تناهت الأهوال إلى مفازلتها وقربت الهمم من مواضعها وعادت الفكر إلى عناصرها وعادت متحركات الفكر إلى مساكنها وغاليات الأذهان إلى اماكنها فانحازت الاشكال عن الاشكال بلطف تاثير الهوى فيها وانكبت مشرفة عن هياكلها من اقطار عناصرها قال: أيها البترك هذا كلام العرب الذي زعمت أن الحكمة ليست من أخلاقهم ولا تباع في اسواقهم ولقد كان ملك من ملوك اليمن اسمه سيف بن ذي يزن الذي بشر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يتكلم بغوامض العلوم الحكمية ووشح بوشاح شكر النعمة ومن جملة ما قال فصيح من فصحائنا اسمه قيس بن ساعدة هذه الأبيات: