سطواتنا فقرب جرجيس من خالد قال له: يا أخا العرب أنا اضرب لك مثلا أن مثلكم ومثلنا كمثل رجل له غنم فسلمها إلى راع وكان الراعي قليل الجرأة على الوحوش فأقبل عليه سبع عظيم فجعل يلتقط منه كل ليلة رأسا إلى أن انقضت الأغنام والسبع ضار عليها ولم يجد له مانعا عنها فلما نظر صاحب الغنم ما حل بغنمه علم إنه لم يؤت إلا من الراعي فانتدب لغنمه غلاما نجيبا فسلمه الغنم فكان كل ليلة يكثر الطوفان حول الغنم فبينما الغلام كذلك إذ أقبل عليه السبع على عادته الأصلية واخترق الغنم فهجم الغلام على السبع وبيده منجل فضربه فقتله ولم يقرب الغنم وحش بعدها وكذلك انتم نتهاون بأمركم لانه ما كان أضعف منكم لانكم جياع مساكين ضعفاء وتعودتم أكل الذرة والشعير ومص النوى فلما خرجتم إلى بلادنا وأكلتم طعامنا وفعلتم ما فعلتم وقد بعث لكم الملك رجالا لا تقاس بالرجال ولا تكترث بالأبطال ولا سيما هذا الرجل الذي بجانبي فاحذر منه أن ينزل بك ما انزل الغلام بالاسد وقد سألني أن أخرج إليك واتلطف بك في الكلام فأخبرني ما الذي تريد قبل أن يهجم عليك هذا الفارس فلما سمع خالد منه ذلك قال: يا عدو الله والله لا نحسبكم عندنا في الحرب إلا كقابض الطير بشبكة وقد قبضتها يمينا وشمالا فلم يخرج إلا ما انفلت منه وأما ما ذكرت من بلادنا وإنها بلاد قحط وجوع فالأمر كذلك إلا أن الله تعالى ابدلنا ما هو خير منه فأبدلنا بدل الذرة الحنطة والفواكه والسمن والعسل وهذا كله قد رضيه لنا ربنا ووعدنا به على لسان نبيه وأما قولك ما الذي تريدونه منا فنريد منكم أحدى ثلاث خصال أما أن تدخلوا في ديننا أو تؤدوا الجزية أو القتال وأما قولك أن هذا الرجل الذليل الذي هو عندكم مسكين فهو عندنا أقل القليل وأن يكن هو ركن الملك فأنا ركن الإسلام أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.