للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطرده من جواره فأقام طلحة بالشام وقد تاب من أمره فلما بلغه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قد قبض قال ذهب من جردت السيف في وجهه فمن ولي بعده قالوا: عمر بن الخطاب قال الفظ الغليظ وهاب أن يمضي إليه وفزع من خالد بن الوليد أن يراه بالشام فيقتله فقصد قيسارية ليركب في المراكب ويطرح نفسه في بعض جزائر البحر فلما نظر إلى جيش فلسطين قد خرج إلى قتال العرب قال أسير مع هذا الجيش فلعلي انكب نكبة واغسل بها شيئا من أوزاري وتكون لي قربة إلى الله تعالى والى المسلمين فلما نظر شرحبيل في عين الهلكة قال: لا صبر لي عنه فخرج واستنقذه كما ذكرناه فلما وقف بين يدي عمرو بن العاص شكره وبشره بقبول التوبة فقال: يا عمرو إني أخاف من خالد بن الوليد أن يراني بالشام فيقتلني فقال عمرو فإني أشير اليك بشيء تصنعه وتأمن به على نفسك في الدنيا والآخرة قال: وما هو؟

قال أكتب معك كتابا بما صنعت وشهادة المسلمين فيه وتنطلق به إلى عمر ابن الخطاب وتدفعه إليه وأظهر التوبة فإنه يقبلها وسيندبك إلى الفتوح وقتال الروم فتمحو عنك ما سلف من خطاياك فأجابه طلحة إلى ذلك فكتب له عمرو كتابا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما صنع وأخذ.

طلحة ومشى به إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد عمر في المدينة وقيل له: هو بمكة فمضى حتى وردها فوجد عمر متعلقا بأستار الكعبة فتعلق معه وقال: يا أمير المؤمنين اتي تائب إلى الله عز وجل وحق رب هذا البيت مما كان مني قال عمر من أنت قال أنا طلحة ابن خويلد قال فنفر عمر عنه وقال:

يا ويلك أن أنا عفوت عنك فكيف الأمر غدا بين يدي الله عز وجل بدم بن محصن الاسدي قال طلحة يا أمير المؤمنين عكاشة رجل اسعده الله على يدي وشقيت أنا بسببه وارجو أن يغفر الله لي بما عملته قال عمر وما عملت فأخرج له كتاب عمرو بن العاص فلما قرأه عمر وفهم ما فيه فرح به وقال أبشر فإن الله غفور رحيم وأمره عمر أن يقيم بمكة حتى يرجع إلى المدينة فأقام معه أياما فلما رجع عمر إلى المدينة وجه به إلى قتال أهل فارس.

قال الواقدي: رجعنا إلى الحديث قال لما قتل البطريق قيدمون على يد طلحة ونجا شرحبيل مما كان قد لحقه ورجع إلى عمرو وكان المطر شديدا فقطع الناس القتال ولحق الناس الاذى لأن أكثرهم بلا أخبية ولا بيوت والتجئوا إلى الجابية وتستروا بدورها وكان من رحمة الله بالمسلمين أن وقع في قلب فلسطين الفزع والرعب لما قتل قيدمون البطريق وكان ركنه ودعامته فشاور أصحابه في الرجوع إلى قيسارية وقال: يا معاشر الروم أنتم تعلمون أن جيوش اليرموك ما ثبتت لهؤلاء العرب وإن أبى قد ولى إلى القسطنطينية من خوفهم وقد ملكوا الشام جميعه وما بقي غير هذا الساحل وإني أخاف أن ندهي من

<<  <  ج: ص:  >  >>