فاخر وعلى رأسي مطرف خز مذهب قال فلما أتيت المدينة ودخلتها يوم الجمعة أول ليلة من شهر رمضان قبل مغيب الشمس وعمر رضي الله عنه قد أتى يريد المسجد فلما أبركت ناقتي وعقلتها وجئته لأسلم عليه نظر الي شزرا وقال من الرجل قلت عرفجة بن مازن فقال: يا ابن مازن أما كان لك برسول الله اسوة حسنة وإن هذه ثياب الجبارين ومن جعل الله لهم الدنيا جنة وهذا الديباج حرام على الرجال منا ولا يصلح إلا للنساء وهذا الذي عليك تصدق به على فقراء المدينة أما والله لقد دخلت يوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم على سرير مرمل بشريط وليس بين جلده وبين الشريط شيء وقد أثر الشريط في نعومة جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رايت ذلك بكيت.
فقال لي:"يا عمر ما الذي ابكاك" فقلت يا رسول الله أن كسرى وقيصر يعيشان في ملك الدنيا وأنت رسول الله بهذه المثابة.
فقال: يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال عرفجة فسلمت إليه الكتاب فلما قرأه تهللت أسارير وجهه قال عرفجة ثم نزلت على خالتي عفراء بنت أبي أيوب الانصاري وبت عندها ليلتي فلما أصبحت لم اقدر أن أقابل عمر بذلك الزي فأعطيت الثوب والعمامة لخالتي فباعتهما وتصدقت بثمنهما على فقاء المدينة قال: وسرت إلى عمر وعلى ثوب من كرابيس الشام كان تحت ثيابي فلما رآني تبسم في وجهي وقال: يا ابن مازن ما فعلت بديباجتك قلت يا أمير المؤمنين باعتها خالتي وتصدقت بثمنها على المسلمين فقرأ عمر: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ}[البقرة: ١٩٧] ثم إنه كتب إلى أبي عبيدة يقول بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر ابن الخطاب إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح أما بعد فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي علي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقد فرحت بما فتح الله على المسلمين وما وعدنا به رسول الله من كنوز قيصر وسيفتح علينا من كنوز كسرى والحمد لله على ذلك كثيرا وقد بلغني أن بادية الاعراب قد استلذوا الدنيا وزينتها وقد نصبت لهم شباك محبتها وقد تمسكوا بذيل غرورها ونسوا نعيم الجنة وقصورها ورفلوا في ثياب الديباج والخز وأكلوا الحلواء وخبز الحنطة لهاهم ذلك عن الآخرة وقد بلغني يا ابن الجراح أنهم قد تهاونوا بالصلاة ونسوا المفترضات فجرد عليهم عتاق الخيل ذوات الهمم وأغلظ عليهم ولا تكن لهم حاملا فيطمعوا فيك ومن أخل منهم بشيء مما فرض عليهم فأقم فيهم حدود الله وأعلم بأنك راع مسئول عن رعيته قال الله عز وجل: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}[الحج: ٤١] وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبو عبيدة أمين هذه الأمة" فأعط الامانة حقها ومن ترك صلاته فأضربه عليها ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم