للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائر البلاد وبلاد الاندلس واستنصر بنا وبغيرنا فما أغنى عنه جمعه شيئا ولا قدر أن يرد القضاء والقدر عنه واعلموا أن العقل اساس الآدمي المخاطب المكلف المفضل به على سائر ما خلق على الأرض فمن ملك أمره ومن لم يجد منه حظا كان بجهله ارضيا ولن تنال الحكمة إلا بالعقل.

قال الحكيم ماسوسي: أن الحكمة مرقى جليل وطالبها نبيل وتاركها ذليل لانها غذاء الارواح وقوت القلوب واعلموا أني لست أتكلم إلا بالصدق وأنتم تعلمون أن محمدا في ايامه بعث الينا يدعونا إلى دينه فاستدليت على صدق قوله بكتابه وما ظهر من معجزاته وقد سمعتم أنه لما بعث ما سمع أحد بذكره إلا وخاف منه وقد سمعتم أن القمر انشق له والذراع المسموم كلمه وقال: يا رسول الله أني مسموم فلا تأكلني وقد كلمه الضب والحجر والشجر والمدر وعرج به إلى السماء وركب أوج الماء وأول من تغلب عليه قومه وحاربه عشيرته حين أنكروا قوله وفعله فنصر عليهم وقهرهم وقد تبين لهم الحق فاتبعوه ونصروه وهم هؤلاء الذين فتحوا الشام وما أنكرت من أمرهم شيئا فإنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون حدود الله التي أمر بها وما في كتابهم شيء إلا وفي الانجيل مثله وقد اضلكم بولس وأغواكم حين غر بكم وبدل شرعكم وسماكم باسم لا يليق بكم وكيف وقد عاد بكم من الطريق الواضح وأحل لكم جيمع ما حرم عليكم من قبل وهذا هو عين المحال وداعية العمى أن تتعدوا ما قال نبيكم وكيف نبغي لروح الله عيسى بن مريم أن يكلمكم بما لم يرسله الله اليكم ثم أن بولص قال لكم انه أحل لكم الخنزير وشرب الخمر وارتكاب المعاصي ما ظهر منها وما بظن فاطعتم أمره وصدقتم قوله وحاشا المسيح أن يفعل ذلك وما كان أحد من الانبياء إلا على ما جاء به محمد وهؤلاء الحكماء الأولون ما منهم إلا من يتكلم بوحدانية الله تعالى وهذا الحكيم دمونا الذي صنع في براري اخيم ارصادا وجعلها مثلا للامم الآتية وذكر فيها من يأتي من الامم والاجيال إلى آخر الزمان وصور الحكماء منفردة به والنسر يعقد رأس الحمل والنسر يقيم في كل برج ثلاثة آلاف سنة كما قدر بالمقدار الحكيمي وكأن قدر صور صورة وكتب على رأسها بقلم اليونانية أربعة اسطر الاول من خاف الوعيد سلم مما يريد الثاني من خاف ما بين يديه صان دموعه بما في يديه الثالث أن كنت تريد الجزيل فلا تنم ولا تقيل الرابع بادر قبل نزول ما تحاذر فمن كان هذا كلامهم فكيف صنع سواهم وهذه فريضة هؤلاء القوم المحمديين قال فأطرقوا برؤوسهم إلى الأرض غيظا على الملك قال: وما تلكم المقوقس بهذا الكلام حتى أوقف عنده من مماليكه الف غلام فوق رأسه بالسيف لانه كان قد سمع ما جرى لقيصر وهرقل مع بطارقته لما جمعهم ونصحهم فوثبوا عليه وارادوا قتله أما المقوقس فإنه استوثق بمماليكه حتى لا يطمع فيه قال فلما تكلم بذلك قال له وزيره: أيها الملك رأيك

<<  <  ج: ص:  >  >>