وقصد حران وبلغ أرسوس الخبر فخرج إلى لقائه والتقى الجمعان وكان قد قدم أمام جيشه بطلا من الارمن اسمه أرجوك في ثلاثة آلاف فوقعت الهزيمة على الارمني.
حدثنا عبد الله بن اسيد قال: حدثنا سالم بن ربيعة عن عدلان التميمي عن محمد بن عمر الواقدي قال لما بلغت الاخبار إلى عياض بن غنم بمسير أرجوك الارمني إلى أرسوس أحضر عياض رودس صاحب حران وأخبره بما انتهى إليه من خبر أرسوس وكيف ملك حران وإن ولده يريد أن يلقى أرسوس وإني قد عولت على قتلك إلا أن تدخل في ديننا فقال أن أنت أطلقتني سلمت اليك ما تحت يدي من القلاع ولعلى أخلص حران لأن أهلها يحبونني لاني كنت محسنا في حقهم وأنا أقول انهم إذا رأوني سلموا إلى البلد وأنا أسلمها اليكم على إنك تعطيني السويداء ونصيبين الصغرى وأنا أعطيكم الجزية كل عام قال فأجابه إلى ذلك وأمر عبد الله يوقنا أن يستخلفه فحلف وأجاب إلى ذلك فاطلقه وبعث معه يوقنا في جماعته ورد على رودس خيامه وثقله وجماعته وانسلوا من الليل من مرج رغبان طالبين حران فلما قربوا منها أرسلوا عيونهم فوجدوا العسكر نازلا خارجا منها وعسكر ولده بازائه غير أنه قد اسر أرجوك وأخذه أرسوس وإن عسكره باق على حاله وقد بعث إليهم أرسوس رسولا يدعوهم أن يكونوا من حزبه وينعم عليهم وإن ينزل بهم وبعسكره على الرها ليأخذها وتصير من تحت يده قالوا: حتى نرى لأنفسنا في ذلك.
قال الراوي: فلما قدم رودس ويوقنا ونظرا إلى العسكرين والنيران تتقد قال رودس ليوقنا هذه النار القريبة لا شك أنها لعسكر ولدي فأرسل إليهم من يختبرهم فسار الرجل وعلم من هم وعاد فأخبره أن القوم معولون على أن يحلف لهم أرسوس وإن يكونوا جنده وقد تقرر الحال على أنه في غداة غد يخرج في مائة فارس من أصحابه إلى دير فرها بين الرها وحران ومن عسكر ولدك خمسون من أكابرهم ويتعاهدون هناك قال فلما سمع يوقنا ذلك تهلل وجهه فرحا وقال لرودس أبشر فقد صار القوم في قبضتنا ثم مضوا يطلبون الدير وكمنوا بالقرب منه ثم أن يوقنا أرسل غلاما له وكان نجيبا قد رباه وكان اسمه شامس وكان لبيبا فقال: يا شامس انطلق إلى صاحب الرها وهو كيلوك وقل له أن مقدمي صاحب أرجوك قد بعثني اليك لكي يكونوا من رجالك فإنك منهم وإليهم وأرسوس من الروم وإن رجالا منا يأتون إلى دير فرها وارسوس معهم حتى يحلف لهم ويحلفوا له ويريد منك أن تخرج في مائة وتكمن لنا بالقرب من الدير فإذا قدمنا فاخرج علينا قال فانطلق شامس إلى أن قدم على صاحب الرها وحدثه بما ألقى إليه صاحبه يوقنا وكان من قضاء الله وقدره أن الحيلة التي دبرها يوقنا وبعث بها إلى صاحب الرها.