وتسفه أحلامنا قال: يا قوم العلم أمرني والعقل بصرني أما علمتم أنه من نظر في المصنوعات وتدبر علم أن لها صانعا لا يتغير فالنظر في المخلوقات حكمة والتنكر في صنعه والاقرار بوحدانيته نعمة والإيمان به رحمة.
قالوا: فمن تعبد قال أعبد الذي فطرني وصورني وشرح خاطري ونور بصائري وخلق المخلوقات وقدر وصنع المصنوعات وأنزل الأرزاق بقضاء وقدر ليس في مشيئته كيف ولا في أقضيته حيف يقول ولا يتلفظ ويريد ولا يظهر ويسمع ويبصر تعالى عن المكان والأين والشبيه والبين وقال: لا تتخذوا الهين اثنين أما علمت يا ابن رواحة أن ديننا هو الحق وقولنا هو الصدق وما بعث الله نبيا إلا وأمر أمته باتباع دين الإسلام قال الله تعالى في القرآن.
: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[آل عمران:٦٧] وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً}[المائدة: ٣] وقال: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ}[الحج: ٧٨] وأنت تعلم الآن أنكم في قبضتنا وأسرنا فإن آمنتم بالله وصدقتم برسالة نبيه صلى الله عليه وسلم كان لكم ما لنا وعليكم ما علينا وإن أبيتم ضربنا أعناقكم قال فلما سمع عاصم بن رواحة ذلك من كلام سعيد ابن زيد قال: وإن نحن رجعنا إلى قولكم واتبعنا دينكم يغفر لنا ربنا ما سلف من الاشراك في ربوبيته والسجود لغيره قال سعيد نعم لأن الإسلام يهدم ما كان قبله وجميع ما كنتم فيه لا يطالبكم الله به وتخرجون من الذنوب كما خرجتم من بطون أمهاتكم إلى الدنيا ثم تلاقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر:٥٣] فلما سمع عاصم كلام سعيد قال: أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فلما نظر أصحاب عاصم إليه وقد أسلم أسملوا عن آخرهم ففرح المسلمون بذلك وقالوا: قد وجب علينا أن نطيب قلوب هؤلاء القوم ثم ساروا إلى حران وأنزلوهم وخلعوا عليهم.
فقال يوقنا الآن فتحنا رأس العين ورب الكعبة فقال سعيد فكيف ذلك يا عبد الله قال سوف أريك بيان ذلك ثم إنه قال لعاصم بن رواحة في السر بينه وبينه أريد منك أن تشدني كتافا أنا وأربعين من أصحابي وتجعلنا على ظهور الجمال التي تحمل أثقالكم وتركب مع هؤلاء السادة يعني الأربعين الذين هم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسيروا من ليلتكم هذه إلى رأس العين وتقولوا لواليها لما عبرنا الفرات خرج هؤلاء علينا فنصرنا المسيح عليهم فقتلنا من قتلنا واسرنا هؤلاء وأتينا بهم إليكم وإياك أن تمكنه أن يقتل واحدا منا وإذا أراد ذلك تقول له أن المصف بين يدي الملك وبين العرب ولا.