للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر وهو صاحب الفتوح ومصبح الملوك بشر صبوح فقم على قدم الهمم وسر إلى أعدائك وتقدم وقد اعلمناك لتكون على بصيرة من الامر وإياك أن تهمل الامر فرب صغير أمر عاد كبيرا ويسير عاد عسيرا والحرب أوله شرر وآخره نار تسعر والسلام قال: وبعثا الكتاب مع نجاب فلما وصل به إلى كسرى وقرىء عليه انتفض لذلك واهتز على سريره وأحضر الاساورة والموابذة والديلم والسهارجة وقرأ عليهم كتاب الملوك وقال لهم: ما ترون في هذا الامر الذي قد وقفنا عليه وأشرفنا من زماننا عليه واعلموا أن هؤلاء العرب قد أخرجهم الجدب والجهد فهم ينظرون لهم مواضع يسكنون اليها وينزلون فيها وقد أذاقوا الروم شرا وأنزلوا بهم ضرا وملكوا المدائن واحتووا على الخزائن.

وكانت الروم قد اجتمعوا عن بكرة أبيهم وما كان منهم أحد إلا أتى الشام وتلاقوا في الحرب بمكان ي قال له: اليرموك وهذه شرذمة من العرب قد سرحوا بلادكم وقد عولوا على أن ينزعوا الملك من أيديكم ولا ينفعكم لا أن تكشفوا عن ساق العزم وتتشحوا بوشاح الحزم وتذبوا عن أهليكم وأموالكم وأولادكم وحريمكم وبلادكم واعلموا أن العرب لهم الطمع وقد دخل في قلوبهم أن يملكوا بلادكم وحصونكم متى رأوكم ناكلين عن قتالهم فشلين عن نوالهم مالوا عليكم ميلة الأسود على فرائسها فاحسموا موادهم من أول يوم وقد قيل في الأمثال من نظر في العواقب أمن غائلة النوائب ثم إنه فتح خزائن الاموال والخلع وخلع على الهرمزان وقدمه على خمسين ألفا وخلع على عطارد بن مهرود وقدمه على عشرين ألفا وخلع على قارين بن همام وقدمه على عشرين ألفا وأمرهم أن يضربوا خيامهم بأرض زوندان ففعلوا ذلك وكتب من وقته إلى خراسان وما وراء النهر يستفزهم ومن معهم من الأجناد على قتال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وصلت الكتب إليهم أقبلوا يهرعون إلى العراق كالجراد المنتشر وكان في جملة القوم شهريار بن كباد والفرحان الأهوازي والهزيل بن جسوم جاسر الهمذاني ومعهم أربعون فيلا ووفد الجانيوس بن قتاد.

قال الراوي: فلما اجتمعت الجيوش خرج كسرى يحرضهم بأرض شهرطاق وفراشة وكان رأس جيشه مهرمان فعرض الجيوش فإذا هي مائة ألف وخمسون ألفا غير الأتباع وقدم الديلم والعجم وأمامهم الفيلة وعقدوا على ظهورها الاسرة بثياب الديباج وعلى كل سرير أربعون رجلا مقاتلة وهم يضربون بالطبول والصنوج في خراطيهما أعني الفيلة السيوف ليقاتلوا بها وكان فيها فيل أعور كأنه الجبل العظيم وكان هو المقدم على الفيلة حيثما سار سارت وراءه وإن وقف وقفت وقد ربط وراء الفيلة عجل يحمل بيوت السلاح والأموال فلما عولوا على المسير عاد الملك أزدشير إلى من ذكر من المقدمين وقال اعلموا يا أهل فارس إنكم ما زلتم ملوكا وهيبتكم في قلوب الترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>