وما زالا يقاتلان ويقتتلان حتى قتل أحدهما فشمروا أنتم عن ساق الجد ودونكم والقوم هذه الكرة اما لكم واما عليكم فلعل النار والنور ينصرانكم وأنفق فيهم ما كان معه فاستعدوا للقاء وأخذوا على أنفسهم وضربوا خيامهم في مرج حلوان وجاء علماء دينهم وأوقدوا لهم النار وقربوا لها القربان وتحالفوا أن لا ينهزموا ولو ماتوا عن آخرهم قال: ومضت نساؤهم وبنات ملوكهم وأبطالهم الذين قتلوا في الثياب ملطخات بالدماء وهن يستفززن الجيوش والعساكر من بلاد العجم وغيرها قال: وإن الحجاب والمرازبة والاساورة تعاهدوا على أن لا يفروا أو يموتوا عن آخرهم.
قال الواقدي: حدثني محمد بن عاصم بالكوفة بعد ما أخذها المسلمون قال لما فتحت المدائن واتخذها المسلمون وطنا فما كان دأبهم إلا أن يحفروا دور الفرس ويخرجوا خباياهم وأموالهم قال عبد الله بن حجفة حضرت العرب وقد أخرجوا من ازاء القصر الابيض من مصنع هناك للفرس الاكاسرة تمثالا من الذهب على صفة الفارس وقد سكبوا عليه الماء حتى غار في الأرض وكانت ملوك الفرس يفتخرون بذلك على سائر الملوك فوالله لو قسم ذلك على عرب بكر بن وائل لكان يسد منهم مسدا وجاءت عيون المسلمين إلى سعد وأخبروه بما فعل القوم واجتماعهم في مرج حلوان في مائة ألف وقد وجهوا أثقالهم وما يعز عليهم إلى الجبل وهم يطلبون لقاءكم قال: واجتمع المسلمون في الايوان وقالوا: أيها الأمير أن العدو قد اجتمعوا بمرج حلوان وتعاهدوا على أن لا ينهزموا أبدا ويموتوا عن دم واحد يرويدن مدائنهم قال فكتب سعد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمه بذلك ويقول له أن أهل الموصل قد مات ملكهم الانطاق وقد تولى عليهم الشكان بن قالوص وارتدوا عن صلحنا وعول ملكهم على أن يكون عونا لاهل فارس علينا والسلام عليك وعلى جميع المسلمين ورحمة الله وبركاته فلما وصل الكتاب على عمر أرسل يقول له يا سعد اعلم أن الله منجز وعده وبعث إليه هاشم بن عتبة في اثنى عشر ألف فارس من المهاجرين والانصار ألفان والبقية من العرب.
قال: وإن ابن كسرى لما حصن حريمه وأمواله في الجبل أمر على عسكره مهران الداري ووصاه وسار مهران بالعسكر فركب معه ابن كسرى مقدار ميل وودعه ورجع إلى حلوان والمدد يأتي إليه من سائر بلاد العجم قال: ووصل مهران إلى مدينة نشاور ونزل بها في دار الولاية واقام بها فلما كان الغد ركب في وجوه قومه ودار بهم على اسوارها وأبوابها وأمر بتحصينها في علو سورها ونصب آلات الحصار بالعرادات والمجانيق وحفر خندقا عميقا وصنع حسكا من الحديد وجعله حول المدينة والخندق وما خلى من أهل البلد صغيرا ولا كبيرا حتى استعمله في السور والخندق وادخر القوت وعلف الخيل وما