للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة كلهم فكان يطعمهم شهرين فلما انقضى ذلك زارته أكابر البلاد وملوكها وليس عنده طعام ولا شراب ولا ادام فلما اجتمعوا أمر عيسى عليه السلام بجرار الخمر الفارغة أن تملأ ماء ثم مر بيده على أفواهها وهو يمشي فكلما مرت يده على جرة امتلأت شرابا هذا وهو ابن اثنتي عشرة سنة فازدادت أهل البهنسا فيه اعتقادا ومن حولها من المدائن والقرى والسواد من أرض مصر وله آية أخرى بأرض البهنسا.

قال السدى كان عيسى عليه السلام يحدث الصبيان في المكتب بما تصنع آباؤهم ويقول للغلام انطلق فقد أكل أهلك كذا وكذا فينطلق الصبي إلى أهله ويبكي عليهم حتى يعطوه شيئا فيقولون له من أخبرك بهذا فيقول عيسى فحبسوا أولادهم أي أهل البهنسا عنه وقالوا لهم: لا تلعبوا مع هذا الساحر فجمعوهم في مكان فجاء عيسى عليه السلام يطلبهم فقالوا: ليس هنا أحد فقال: ما في هذا البيت قالوا: خنازير قال عيسى كذلك يكونون أن شاء الله تعالى ففتحوا عليهم الباب فوجدوهم خنازير ففشا ذلك في الناس وهابه الناس قال السدى لما نزل عيسى عليه السلام بأرض البهنسا نزل في قرية من قراها على رجل فأضافهم وكان للملك خباز فجاء ذلك الرجل ذات يوم وهو مغتم حزين فدخل بيته ومريم عند زوجته فقالت لها مريم ما شأن زوجك أراه كئيبا قالت لا تسأليني فقالت لها أخبريني لعل الله أن يفرج عنك قالت لها أن ملك البهنسا إذا خرج من مدينته يجعل على كبير كل قرية يوما يطعمه ويسقيه الخمر فإن لم يفعل ذلك عاقبه واليوم علينا وليس عندنا سعة قالت مريم قولي له لا يهتم فإني آمر ابني أن يدعو له فيكفي ذلك فذكرت مريم ذلك لعيسى عليه السلام فقال عيسى عليه السلام أن فعلت ذلك يقع شيء فقالت له أمه: لا تبال فإنه أحسن الينا وأكرمنا.

فقال عيسى قولي له إذا قرب الملك فاملا قدورك وخوابيك ماء ثم اعلميني ففعل ذلك وإذا بالملك قد أقبل فارتجت الأرض من الطبور والزمور والصناجق وأقبلت العساكر فدعا عيسى عليه السلام ربه عز وجل فتحول ماء القدور لحما وطعاما ملونا وماء الخوابي خمرا لم ير الناس مثلها قط فلما أكل الملك ذلك الطعام وشرب سأل الدهقان من أين لك هذا الخمر قال من أرض الفيوم فلم يصدقه وقال للدهقان أنه يأتيني منها الخمر والعنب لعصره وليس يساوي هذا فقال من أرض أخرى فلما خلط عليه الكلام أنكر عليه فقال أنا أخبرك عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه وإنه دعا الله تعالى حتى جعل الماء خمرا وكان للملك ولد يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بايام وكان أحب الخلق إليه فقال أن كان كلامك صدقا فليدع ربه أن يحيي لي ولدي فدعا عيسى وأعلمه بذلك قال أفعل لكنه أن عاش وقع شيء كثير فقال الملك لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>