العساكر على أنصنا خرج إليهم بطريقها جرجيس بن قابوس وتلقاهم وأرسل معهم ابن عم له يسمى قيطارس وكان فارسا شديدا في أربعة آلاف فارس ولم يزالوا سائرين حتى نزلوا بواد البهنسا عند بطريق يسمى قلوصا من بطارقة البطليوس فلما سمع بهم البطليوس خرج إلى لقائهم في عسكر عظيم زهاء من خمسين الف فارس من البطارقة وعليهم الدروع المذهبة واقبية الديباج المرقومة بالذهب الوهاج وعلى رؤوسهم التيجان المكللة بالآليء والجواهر راكبين على خيول وبراذين مسرجة عليها سروج الذهب والجنائب مغطاة بأغشية من الحرير الملون المرقوم بالذهب والفضة والخز وكان معهم خمسون صليبا طول كل صليب أربعة أشبار من الذهب تحت كل صليب ألف فارس على كل صليب رمانة من الذهب المنقوش وهم في زي عظيم عجيب وقد أكثروا من الطبول والزمور وضرب القرون والمعازف حتى ارتجت الأرض ومعهم الجمال والبغال والجاموس فلما التقوا ترجلت الملوك والبطارقة للقائهم وسلم بعضهم على بعض وتكلموا فيما بينهم بسبب العرب فقال لهم البطليوس: لا تطعموا العرب فيكم ولا في بلادكم فإنما مثل العرب ٢ كمثل الذباب أن تركته أكل وإن منعته فر وهلك فاثبتوا واصدقوا العزم فلقد كاتبت لكم سنجاريب ملك برقة وكاتبت ملك الواح وكأنكم بهم قد أتوا اليكم ولولا أنني أخشى أن العرب يأتون إلى بلادي لما يسمعون إني خرجت إليهم فيشتغل جماعة بقتالكم وجماعة يأتون إلى بلادي فيملكونها وليس فيها من يذب عنها إذا خرجت معكم لكنت في خدمتكم فانا نجد في الكتب القديمة أنهم إذا ملكوا البهنسا ونواحيها فلا تقوم لاهل الصعيد قائمة قال كرماس الرومي وكان ممن أسلم بعد ذلك وحضر وحدث به يا معاشر الملوك والبطارقة إني قد اطلعت على الكتب القديمة وفيها أنهم أن ملكوا البهنسا ونواحيها فلا تقوم لاهل الصعيد بعد ذلك قائمة قال فلما سمع الملوك ذلك صقعوا له ثم انتدب من بطارقته عشرين ألفا ممن عرفت شجاعتهم وبراعتهم وملك عليهم صاحب الكفور وكان كافرا طاغيا وكان اسمه بولص وكان لعينا ودفع له صليبا من الذهب وعلما من الحرير الاطلس الاصفر مرقوما بالذهب فيه صورة الشمس ودفع لهم ما يحتاجون له من الجنائب والقباب والسرادقات ومضارب الديباج الملون وأواني الذهب والفضة والصناديق المملوءة بالذهب والفضة والبراذين والبغال وعليها أحمال الحرير الملون وبعضها محمل بالاواني المذكورة والخيام والسرادقات وسارت العساكر وتتابعت الملوك بالمواكب يتلو بعضها بعضا حتى قربوا من مدينة ببا الكبرى فخرج إليهم بطريقا صندراس وتلقاهم وفعل معهم كما فعل البطليموس وأضافهم وجهز معهم جيشا عشرة آلاف فارس من صناديد بطارقته وولي عليهم بطريقا اسمه دارديس وكان يناظر بطريق الكفور في الشجاعة والقوة والبراعة وساروا حتى قربوا من مدينة برنشت فخرج إليهم بطريقها فتلقاهم وكان يناظر البطريق