للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لستم ترون بمصر والصعيد جيوشا بعد هذا اليوم مثل هؤلاء وإن كسرتموهم فلا تقوم لهم قائمة أبدا فاصدقوا في الجهاد وعليكم بالصبر وإياكم أن تولوا الادبار فتستوجبوا بذلك النار وألصقوا المناكب ولا تحملوا حتى آمر بالحملة.

قال الراوي: وإن البطارقة لما رأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عولوا على ضربهم شجع بعضهم بعضا وقال لهم بطرس أخو بولس المقتول: اعلموا إنكم أن انكسرتم لا تقوم لكم قائمة بعد هذا أبدا ويملكون بلادكم ويقتلون رجالكم ويسبون حريمكم وعليكم بالصبر ولتكن جملتكم واحدة ولا تتفرقوا وقدموا الفيلة أمامكم والرجالة خلف ظهوركم واستعينوا بالصليب فهو ينصركم.

قال الراوي: وأما عمرو وخالد فانهما قالا نريد من يكشف لنا عن القوم ويعود فوثب الفضل ابن العباس رضي الله عنه وقال أنا فسار حتى قرب من القوم ورأى زيهم وأهبتهم ورأى شعاع البيض والبيارق والرايات كأجنحة النسور فلما رآه القوم قالوا: فارس قد طلع ولا شك أنه طليعة فايكم يبتدره فابتدره ثلاثون فارسا فلما نظرهم ولى كأنه منهزم وركض قليلا حتى بعد ثم لوى عنان الجواد نحوهم وطعن أول فارس والثاني والثالث فدخل رعبه في قلوبهم فانهزموا وتبعهم وهو يصرع فارسا بعد فارس حتى صرع منهم عشرين فارسا فلما قرب من الروم ولى راجعا إلى المسلمين وأعلمهم بذلك فقالوا له: غررت بنفسك يا بن عم رسول الله فقال أن القوم طلبوني وخفت أن يراني الله منهزما فجاهدت باخلاص فنصرني الله عليهم واعلموا أنهم لنا غنيمة أن شاء الله تعالى قال فأقبل عمرو وخالد يرتبان العساكر ميمنة وميسرة وجناحين كما تقدم في اليوم الاول فجعل في الساقة زياد بن أبي سفيان بن الحرث في ألف فارس حول البنين والبنات والاموال وكانت فيهم النساء الاتي تقدم ذكرهن في أجنادين واليرموك وهن عفيرة بنت غفار وأم ابان بنت عتبة أخت هند وخولة بنت الأزور ومزروعة بنت عملوق وسلمة بنت ذراع ولبنى بنت سوار وسلمى بنت النعمان وهند بنت عمرون وزينب الأنصارية فهؤلاء من النساء اللاتي عرفن بالشجاعة فقال لهن خالد با بنات العرب لقد فعلتن فعالا أرضيتن الله ورسوله والمسلمين بها وقد بقي لكن ذكر يتحدث به جيلا بعد جيل وهذه أبواب الجنان قد فتحت لكن وأبواب النيران قد فتحت لاعدائكن وإني أحرضكن إذا جاءت الروم والسودان اليكن فقاتلن عن أنفسكن كما قاتلتن في يوم أجنادين ويوم اليرموك فإن رأيتن أحدا هاربا فدونكن وإياه بالعمد وأشرفن عليه بولده وقلن له إلى أين تولي عن أهلك وولدك وحريمك وحرضن المسلمين على ذلك فقلن أيها الأمير ما يفرحنا إلا أن نموت أمامك يا أبا سليمان لنضربن وجوه الروم والسودان حتى لا يبقى لنا عذر قال فشكرهن على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>