من الباب نحو من ألف فارس وحملوا ودخل الباقون وأغلقوا بابهم وطلعوا على الاسوار واشتد القتال والحصار ورموا بالحجارة والنبال حتى فرق الليل بينهم.
قال الراوي: وأقام المسلمون على حصار أهناس ثلاثة أشهر وفي كل يوم يناوشونهم بالقتال والاسوار رفيعة والأبواب منيعة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كل يوم يشنون الغارات حتى يصلوا إلى أطراف الكورة.
قال الراوي: واقام المسلمون على حصار اهناس ثلاثة أشهر وفي كل عنهم المدد وضاقت أنفسهم وطمعت فيهم الصحابة ثم أن خالدا استشار اصحابه ماذا يصنعون وقد أعياه فتح الباب فقال له المرزبان رضي الله عنه: وكان من مرازبة كسرى وقد أسلم وخرج إلى الجهاد وحبس نفسه لله عز وجل وهو المقتول بالبهنسا قريبا من البلد شرقي البحر اليوسفي في وقعة صاحب طنجة ذات الاعمدة وسيأتي ذكر ذلك في موضعه أن شاء الله تعالى فقال المرزبان اننا كنا في بلاد الفرس إذا حاصرنا مدينة ولم نقدر على فتحها أخذنا زيتا وكبريتا ووضعناه في صناديق من خشب وجعلنا لها أعوادا تحملها رجال ورجال يذبون عنهم إلى أن يصلوا إلى الباب أو إلى قريب منه ويجعلون في الصناديق نارا ويولون فتعلق النار في الأبواب ويذوب الحديد فتفتح الأبواب وتعلق النار في الحطب والخشب والحجارة فتهدمها فقال خالد: نفعلها أن شاء الله تعالى فلما أصبحوا فعلوا ذلك وأسرعوا في جمع ما ذكرنا ووضعوه في صناديق وجعلوا في أطرافها أعوادا طوالا من أسفلها وحملتها الرجال وخرج خلفهم الفرسان يقاتلون والمرزبان أمامهم يعلمهم كيف يصنعون وهم مستترون بالدرق والحجف والحجارة والنبال تتساقط عليهم من أعلى السور حتى وصلوا إلى أول باب من أبواب المدينة وهو الباب الشرقي وهو أعظم أبوابها.
فلما قربوا من الباب رفعوا الصناديق على الباب وألقوا النار في الزيت والكبريت ووضعوها وانقلبوا فلم يكن أسرع من لحظة حتى تعلقت النار بحجارة الباب والاخشاب والحديد وثارت النار إلى أعلى السور حتى وصلت إلى البرج فسقط البرج بمن فيه من الروم وهلك منهم جماعة كثيرة وتبادرت المسلمون إلى الباب وملئوا قرب الماء وأطفئوا تلك النار ودخلوا من الباب وقصدوا قصر الملك وكان حصينا على أعمدة من الحجارة المنحوتة وكانوا أغلقوا أبوابه ففعلوا به كما ذكرنا ولما رأى الملعون ذلك لم يطق أن يصبر وأمر بفتح الباب وصاح الامان ومعه جماعة من حشمه وخدمه وبطارقته فعرضوا عليهم الإسلام فابوا فأمر خالد بضرب أعناقهم فمن أسلم تركوه ومن أبى قتلوه واستغاثت بهم السوقة والرعية وقالوا: مغلوبون فمن أسلم تركوه ومن بقى على دينه ضربوا عليه الجزية وهدموا دورا وأماكن حتى صارت تلالا وغنم المسلمون أموالا كثيرة من أواني الذهب والفضة والفرش الفاخرة ووضعوا فيها عبادة بن قيس قيما ومعه ثلثمائة