وملئوها قطنا والرجال داخلها وصبروا إلى الليل ودخل هؤلاء السادات رضي الله عنه بعد أن ضربوا بالمنجنيق حجرا بعد حجر فسقط على أعلى السور والبرج فشرعوا في رميهم منهم أبو مسعود البدري وعبد الرزاق إلى أن رموهم جميعهم وصاروا فوق أعلى السور ورتب خالد أصحابه على الأبواب وأما عبد الرزاق وأصحابه فلما صاروا بأعلى الجدار نزلوا إلى البرج فإذا هو مغلق والحراس نيام فنزلوا إلى الدهليز بين البابين فوجدوهما مغلقين موثقين فذبحوا البوابين عن آخرهم ووجدوا المفاتيح تحت رأس كبيرهم في جانب سريره فأخذوها وفتحوا الأبواب وإذا بالباب الثاني الذي ينتهي إلى القصر مسدود بالحجارة فاحتالوا على قلع حجر بعد حجر فقلعوها ورموا الاحجار وفتحوا الأبواب وكل ذلك في أقل من ساعة بمعونة الله عز وجل وصعدوا إلى البرج فعالجوه وفتحوه وقتلوا جماعة واستيقظ جماعة وثاروا عليهم وخافوا على الباب أن يؤخذ منهم وإن يحال بينهم وبينه وهو باب السور الذي بظاهر المدينة ففتحوه صاحت الروم واستيقظ البطليوس وركب جواده وكان على حذر وركب المسلمون ودخلوا الباب وخرجت البطارقة والبطليوس من قصره وزحفت الروم إلى الباب وكان أول من قتل في ذلك اليوم عبد الرزاق وعنان بن مازن وكعب بن نائل السلمي بداخل الباب.
قال: حدثنا قيس بن مازن الحميري عن عبادة بن سالم السكاكي عن أبي مسعود البدري وكان أول من فتح الباب قال ليس هو على هذه الصفة وأخبرنا سالم بن حامد عن أبي عبد الله عن أبي محمد الانصاري عن عبد الله البدري قال كان أبو محمد الحسني يقرأ هذه الفتوح بالجامع الغزي العمري على الشيخ أبي عبد الله حتى بلغ إلى هنا وذكر الفتوح وفتح الباب وإن الرجال وضعت في الغرائر قال: يا بني ليس الأمر كذلك فقد روى عن أبي مسعود وهو الصحيح عن فتح الباب قال أنهم قطعوا أخشابا ونصبوا سلما للتسلق عاليا علوا جدار المدينة وصبروا إلى الليل وأسندوه إلى الجدار وتسلق منهم أربعون رجلا ومنهم لسبعة المذكورون وفتحوا الباب كما ذكرنا واستيقظ الروم وخرجوا إليهم بعد فتح الباب فكان السابق إليهم عبد الرزاق رضي الله عنه فقتلوه وقتلوا معه من ذكرنا أولا وتسابق المسلمون إلى الباب فكان أول من دخل ضرار بن الازور وهو يزعق ويقول هذه الابيات:
الجن تفزع يوم الحرب من فزعي. ... إذا أتيت إلى الهيجا بلاجزع.
يا ويل من صنع الارصاد يخدعنا. ... ونحن جرثومة الامكار والخدع.
لأرضين الهي في جهادهم. ... وقتل أبطالهم بالسيف والدرع.
ياويل كلب العدا البطلوس أن وقعت. ... عيني عليه لارديه إلى النزع.
عيب علي إذا ما ألتقيه هنا. ... وأفلق الرأس منه غير مرتدع.