الديباج قال فوقع الحجر في جبهة جوادي فانكب على رأسه وكان جوادا شهدت عليه اليمامة فسقط الجواد ميتا قال فأسرعت في طلبها فهربت من بين يدي كأنها ظبية القناص وهربت النساء من وراءها فلحقتهن وقصدت قتلهن وزعقت عليهن وكنت أريد قتلهن ومالي قصد إلا الجارية التي قتلت حصاني فدنوت منها وعلوت بالسيف على رأسها فجعلت تقول الغوث الغوث فرجعت عن قتلها وأقبلت إليها وإذا عليها ثياب الديباج وعلى رأسها شبكة من اللؤلؤ فاخذتها اسيرة من النساء وأوثقتها كتافا ورجعت على أثري فركبت جوادا من خيل الروم ثم قلت: والله لامضين وانظر ما كان من أمر يونس فوجدته وهو جالس وزوجته بجانبه وقد تلطخت بدمائها وهو يبكي عليها فلما رأيتها قلت لها: اسلمي فقال: لا وحق المسيح لا اجتمعت أنا وانتم ابدا ثم اخرجت سكينا كانت معها فقتلت بها نفسها فقلت: إن الله عز وجل ابدلك ما هي اعظم منها وعليها ثياب الديباج وشبكة من اللؤلؤ وهي كأنها القمر فخذها لك بدلا عن زوجتك فقال: أين هي فقلت: ها هي معي.
قال فلما نظر إليها والى ما عليها من الحلى والزينة وتبين حسنها وجمالها راطنها بالرومية وسألها عن امرها فرطنت عليه وهي تبكي فالتفت الي وقال لي أتدري من هذه قلت: لا فقال هذه ابنة الملك هرقل زوجة توما وما مثلى يصلح لها ولا بد لهرقل من طلبها ويفديها بماله قال وافتقد المسلمون خالدا فلم يجدوا له أثرا فقلقوا عليه قلقا عظيما وخالد رضي الله عنه غائص في المعركة وقصد اللعين هربيس بعد قتل توما فبينما هو يحمل يمينا وشمالا إذ نظر علجا من علوج الرومان عظيم الخلقةأحمر اللون فظن خالد إنه اللعين فأطلق جواده نحوه وطلبه طلبا شديدا ليقتله فلما نظر إليه العلج والى حملته فر هاربا من بين يديه فوكزه خالد بالرمح وإذا هو واقع على الأرض على أم رأسه فانقض عليه خالد كالاسد وهو يقول: ويلك يا هربيس أطننت إنك تفوتني وذلك العلج يعرف العربية فقال: يا عربي ما أنا هربيس أطننت إنك فابق علي ولا تقتلني فقال خالد: مالك من يدي خلاص إلا إذا كنت تدلني على هربيس فإذا دللتني عليه اطلقتك فقال له العلج: إنذا دللتك عليه تطلقني فقال خالد: نعم لك ذلك فقال العلج يا أخا العرب قم من علي صدري حتى ادلك عليه فقام خالد من على صدره فوثب العلج ونظر يمينا وشمالا قال ثم قال لخالد أترى هذا الجبل وهذه الخيل الصاعدة اقصدها فإن هربيس فيها قال فوكل خالد بالعلج واحدا وهو ابن جابر ثم اطلق خالد عنان جواده حتى لحق بهم وصرخ عليهم وقال: يا ويلكم إني لكم مني خلاص فلما سمع هربيس ذلك ظنه من بعض العرب فزعق فيه ورجع ورجعت البطارقة بالسلاح فقال لهم خالد: يا ويلكم ظننتم أن الله لا يمكننا منكم أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد ثم طعن فارسا فرماه واخر فأرداه فما سمع هربيس كلام خالد قال.