ويدل اسمه "الرحيم" على أنه ـ تعالى ـ يرحم خلقه برحمته ويتجاوز عن سيئاتهم مهما بلغت صغرت أم كبرت إذا أتوا بأسباب التوبة وصدقت رغبتهم في طلبها.
وأما اسمه ـ تعالى ـ " الغفور" فمعناه هو الكثير المغفرة وأن المغفرة ستر الذنوب والتجاوز عنها، والعفو عن مغترفيها وصونهم من أن يمسهم العذاب بسببها وإلباسهم العفو عن خطيئاتهم، فالله ـ سبحانه وتعالى ـ "غفور" أي كثير الستر لذنوب عباده المؤمنين عظيم التجاوز عنهم.
وقد دلت سورة ـ "الزُمَرْ" على إثبات صفتي الرحمة والمغفرة ـ للرب جل جلاله ـ في آيتين منها:
فهاتان الآيتان من السورة تضمنتا إثبات صفتي الرحمة والمغفرة ـ للبارئ جل وعلا ـ وقد أمر الله نبيه في الآية الثانية من هاتين الآيتين أن يبلغ عباده المؤمنين أن لا ييأسوا من مغفرته فإنه ـ سبحانه ـ يغفر الذنوب جميعاً مهما أسرفوا على أنفسهم وأفرطوا ما عدا الإشراك بالله ـ سبحانه ـ فإنه لا يغفره إلا بالتوبة منه بالدخول في دين الله الحق فهو ـ سبحانه ـ ذو مغفرة عظيمة ورحمة واسعة للمقبلين عليه المنيبين إليه، والمنقادين له انقياداً تاماً ظاهراً وباطناً عن طواعية ورضى.
قال ابن جرير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ ... } الآية. اختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية.
فقال بعضهم: عنى بها قوم من أهل الشرك قالوا: لما دعوا إلى الإيمان بالله كيف نؤمن، وقد أشركنا وقتلنا النفس التي حرم الله والله ـ يعد ـ فاعل ذلك النار فما ينفعنا مع ما قد سلف منا الإيمان فنزلت هذه الآية والذين قالوا: بهذا القول هم عبد الله بن عباس