للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: قلة الحاجات وهو المشار إليه بقوله: {وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى} ١.

الثالث: كثرة القنيات بحسب ضروب الناس ومنه قوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} ٢ أي: لهم غنى النفس، ويحسبهم الجاهل أن لهم القنيات لما يرون فيهم من التعفف والتلطف"أ. هـ٣.

فالذي يستفاد من التعريف اللغوي لاسمه ـ تعالى ـ "الغني" أن الله ـ تعالى ـ متصف بصفة الغنى المطلق من جميع الوجوه فلا يتطرق إليه نقص بوجه من الوجوه، ولا يمكن أن يكون إلا غنياً لأن غناه ـ سبحانه ـ من لوازم ذاته، كما لا يكون إلا خالقاً، قادراً رازقاً، محسناً، فلا يحتاج إلى أحد بحال من الأحوال فهو ـ تعالى ـ الغني الذي بيده خزائن الأرض والسموات، وهو الذي يغني جميع خلقه غنى عاماً وهو الذي يغني خواص خلقه بما يفيض على قلوبهم من حقائق الإيمان ومعرفتهم ربهم معرفة تامة تزيدهم إيماناً ويقيناً، فجميع الخلائق مفتقرة إليه ـ سبحانه وتعالى ـ في وجودها فلا وجود لها إلا به، ومفتقرة إليه في قيامها فلا قوام لها إلا به ـ جل وعلا ـ فهو القيوم، القائم بنفسه فلا يحتاج إلى شيء القيم لغيره فلا قوام لشيء إلا به، والقائم على غيره، المدبر لأمور خلقه، فالله ـ تعالى ـ له الغنى المطلق الكامل، وكل الخلق فقراء إلى الله، وقد وردت آيات كثيرة تبين هذا المعنى وتثبته:

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ٤ في هذه الآية: "يخبر ـ تعالى ـ بغنائه عما سواه، وبافتقار المخلوقات كلها إليه وتذللها بين يديه فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ} أي: هم محتاجون إليه في جميع الحركات والسكنات وهو ـ تعالى ـ الغني عنهم بالذات ولهذا قال ـ عز وجل ـ: {وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ٥ أي: هو المنفرد بالغنى وحده لا شريك له، وهو الحميد في جميع ما يفعله ويقوله ويقدره ويشرعه"٦.


١- سورة الضحى آية: ٨.
٢- سورة البقرة آية: ٢٧٣.
٣- المفردات للراغب ص٣٦٦، وانظر "المنهاج في شعب الإيمان للحليمي" ١/١٩٦.
٤- سورة فاطر آية: ١٥.
٥- سورة فاطر آية: ١٥.
٦- تفسير ابن كثير ٥/٥٧٧.

<<  <   >  >>