للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى الله وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} ١.

وهاتان الآيتان: أخبر الله ـ تعالى ـ بهما أن الأمم التي مضت حل بهم من النكال والوبال ما لا يقادر قدره بسبب تكذيبهم رسله، والكفر بهم وبما جاؤوا به من الحق المبين، فكأن أفكارهم السيئة أملت لهم أنهم يضرون الله بعملهم ذلك ولم يفكروا بأنه ـ تعالى ـ غني عن إيمان جميع خلقه وعبادتهم فهو ـ سبحانه ـ "غني حميد" غير محتاج إلى العالم ولا إلى عباداتهم وهو المحمود ـ سبحانه ـ من جميع الخلائق بلسان المقال والحال وهو ـ سبحانه ـ لا تضره معصية العاصين، ولا تزيده طاعة الطائعين وقال تعالى: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنَّ الله لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} ٢ ففي هذه الآية: بيان من الله ـ تعالى ـ أن كل ما في السموات وما في الأرض من الأشياء ملك له، وهو غني عما سواه، وكل شيء فقير إليه عبد لديه ـ فسبحانه ـ من غني كريم.

وقال تعالى: {قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} ٣.

قال ابن جرير حول هذه الآية: "قل يا محمد لهؤلاء المشركين العادلين بربهم الأوثان والأصنام والمنكرين عليك إخلاص التوحيد لربك الداعين إلى عبادة الآلهة والأوثان، أشيئاً غير الله ـ تعالى ـ أتخذ ولياً أستنصره وأستعينه على النوائب والحوادث"٤ أ. هـ.

فالله ـ جل وعلا ـ هو الذي يحتاج إليه الخلائق ويلجئون إليه لينصرهم ويعينهم على ما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم لأنهم عاجزون فقراء إلى الله ـ تعالى ـ لا يستطيعون تحقيق مصالحهم إلا بعونه ـ تعالى ـ لهم ونصره إياهم.


١- سورة التغابن آية: ٥ ـ ٦.
٢- سورة الحج آية: ٦٤.
٣- سورة الأنعام آية: ١٤.
٤- جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ٧/١٥٨.

<<  <   >  >>