للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقال: توكلت لفلان بمعنى توليت له، ويقال: وكلته فتوكل لي، أو توكلت عليه بمعنى اعتمدته قال عز وجل: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} ١.... إلى أن قال: وربما فسر الوكيل بالكفيل والوكيل أعم لأن كل كفيل وكيل وليس كل وكيل كفيل" أ. هـ٢.

وجاء في القاموس: وكل بالله يكل وأوكل واتكل استسلم إليه ووكل إليه الأمر وكلاً ووكولاً سلمه وتركه أ. هـ٣.

والذي نستفيد من هذه التعاريف اللغوية لاسم الله ـ تعالى ـ: "الوكيل" أنه من تُوْكَلُ إلى علمه وقدرته وحكمته أمور الخلق وشئونهم التي يعجزون عن القيام بها بأنفسهم على الرغم بما قد منحوا به من قوى محدودة الأثر، فالله ـ تعالى ـ يتوكل لهم بها ويتولاها وقد وكل ـ سبحانه ـ إلى نفسه أمر الخلق فخلق السموات والأرض ما بينهما بالحق وتكفل بذلك فأوجده على أبدع نظام وأحسن إتقان، وتكفل بما يحتاجه خلقه من المصالح التي لا طاقة لهم بالعيش إلا بوجودها وقد سبقت إرادته ـ سبحانه ـ بأنه يخلق على هذه الأرض كائنات حية لا تعيش إلا بالماء والهواء فتوكل لها من قبل أن يخلقها، بالهواء والماء كما أنه ـ سبحانه ـ توكل بجعل أجهزة محكمة للأجسام الحية وجعل كل جهاز يؤدي وظيفة خاصة ليحفظ بذلك حياة الإنسان، وتوكل ـ سبحانه ـ بالرزق للأحياء جميعاً من العاقل وغير العاقل، من المؤمن والكافر كما توكل بحفظ حياتهم ولو وكلهم إلى أنفسهم طرفة عين لهلكوا ولقد يغفل الناس عن هذه الحقيقة ويسيرون في هذه الحياة والغفلة تغشاهم حتى إذا ما نزل بهم الضر استيقظوا من غفلتهم تلك ورجعوا إلى ربهم "الوكيل" يكلون إلى قدرته ورحمته وحكمته ما عجزوا عنه من دفع البلاء عن أنفسهم.

قال تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} ٤.

وما الدعاء المذكور، والمنوه عنه في هذه الآية إلا ثمرة اليقين بأن لهم رباً قادراً رحيماً يكلون إليه كل ما عجزوا عن تدبيره بأنفسهم ويتوكلون عليه فيما أعجزهم أمره وأعيتهم الحيلة فيه، والإنسان مهما أوتي من القوة والعقل والذكاء والفطنة، فإنه عاجز عن


١- سورة التغابن آية: ١٣.
٢- ص ٥٣١.
٣- ٤/٦٧.
٤- سورة لقمان آية: ٣٢.

<<  <   >  >>