للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إدراك ما يخفى عليه من أمور الغيب التي استأثر الله بعلمها لا يدري كيف يقدر الله الأرزاق ولا كيف يسوق الخير ولا كيف يدفع الشر.

ولقد منح الله ـ تعالى ـ الإنسان من القوى ما يستطيع به أن يدبر الأمور الظاهرة التي تبلغها مداركه وتنالها قوته. أما ما وراء ذلك مما لا تناله قوى البشر، ولا تصل إليه مداركهم فعليهم أن يكلوه إلى "الوكيل" ـ سبحانه ـ.

ولذلك وجه الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يتخذه وكيلاً يتوكل له بين أمور الرسالة وهداية الناس ودفع أذاهم عنه، ونشر الدعوة وإزالة العوائق من طريقها بما يعجز عنه صلى الله عليه وسلم بقوة البشرية التي منحه الله إياها.

قال تعالى: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} ١.

ولما أكثر المنافقون من الدس والكيد والرياء أمره الوكيل ـ سبحانه ـ أن يتوكل عليه ليكفيه أمرهم ويدفع عنه أذاهم وكل ما لا يقدر على دفعه بنفسه.

قال تعالى: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً} ٢.

ولما حاول الكافرون فتنة الرسول صلى الله عليه وسلم عن بعض ما أنزل الله إليه وساعدهم المنافقون على ذلك وأرادوا أن يخدعوه بقولهم إنه لو أجابهم إلى بعض ما يطلبون لآمنوا به واتبعوه نهاه "الوكيل" ـ سبحانه ـ وهو العليم بنياتهم الخبير ببواطن أمورهم ـ أمره باتباع الوحي الذي أنزل عليه وأن يتوكل عليه ليكفيه أمر فتنتهم ويبصره بما خفي من أمورهم العدوانية.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً. وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً} ٣.

ولقد أخبرنا الله ـ تعالى ـ في كتابه الكريم أن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين حين أخبرهم المنافقون بأن الكفار يجمعون لهم الناس ليحاربوهم ولينكلوا بهم لم يبالوا


١- سورة المزمل آية: ٩.
٢- سورة النساء آية: ٨١.
٣- سورة الأحزاب آية: ١ ـ ٣.

<<  <   >  >>