للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" ١.

فصلاح القلب أساس قبول العمل ولا يعتبر العمل إلا إذا كان عن نية طيبة خالصة لوجه الله ـ تعالى ـ أما العمل إذا كان مقصوداً به مراءات الناس، أو السمعة فإن ذلك مبطل للعمل من أساسه بالكلية ويفضح الله سريرة صاحبه يوم القيامة بين الخلائق عامة، فعلى العبد أن يتقي الرياء ويخلص العمل لله ـ تعالى ـ فإن الرياء من الأعمال الدنيئة التي تهبط بالإنسان إلى أسفل الدرجات، أما إذا أظهر الإنسان الطاعات للناس دون قصد منه، وكانت مصحوبة بالإخلاص، فأعجبهم عمله وحمدوه على ذلك فهذا لا يحبط عمله، ولا ينافي ذلك إخلاصه.

برهان ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير فيحمده الناس عليه؟ قال: "تلك عاجل بشرى المؤمن" ٢.

ولا يفوتنا أن نذكر هنا كلمة لابن القيم وضعها رحمه الله كنبراس لتحقيق الإخلاص في القلب قال رحمه الله تعالى: " لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب والحوت فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص، فاقبل على الطمع أولاً فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص.

فإن قلت: وما الذي يسهل عليّ ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح؟

قلت: أما ذبح الطمع فيسهله عليك علمك يقيناً أنه ليس من شيء يطمع فيه إلا وبيد الله ـ وحده ـ خزائنه لا يملكها غيره ولا يؤتى العبد منها شيئاً سواه.

وأما الزهد في الثناء والمدح فيسهله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين ويضر ذمة ويشين إلا الله ـ وحده ـ كما قال ذلك الأعرابي للنبي إن مدحي زين، وذمي


١- صحيح مسلم ٤/١٩٨٧.
٢- ١/٢٠٣٤.

<<  <   >  >>