للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما دعاء المسألة: فهو طلب ما ينفع الداعي وطلب كشف ما يضره أو دفعه ومن يملك الضر والنفع هو المعبود حقاً، والمعبود لا بد أن يكون مالكاً للنفع والضر١.

ولقد أنكر ـ الباري ـ سبحانه ـ على الذين يعبدون غيره ممن لا يملكون لعابديهم ضراً ولا نفعاً، وكثر أسلوب الإنكار في القرآن الكريم من أجل هذا.

قال تعالى: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً} ٢.

فهذه الآية تضمنت الإنكار الشديد على عباد الأصنام والأنداد والأوثان وبداية الآية كما هو مشاهد أمر موجه للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يقول لعموم العابدين لغير الله ـ تعالى ـ من سائر بني آدم بما فيهم النصارى: {أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً} أي: لا يقدر على دفع ضر عنكم ولا إيصال نفع إليكم، أما الله ـ جل وعلا ـ فإنه يسمع أقوالكم ويعلم أحوالكم فلم تعدلون عنه إلى عبادة جماد لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم شيئاً ولا يملك ضراً ولا نفعاً لغيره ولا لنفسه؟ ٣.

وقال تعالى زيادة في الإنكار على الذين يعبدون ما لا يملك لهم ضراً ولا نفعاً. {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ} ٤ وقال: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ} ٥ وقال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} ٦ وغيرها من الآيات كثير كلها تنفي عن المعبودين من دون الله النفع والضر القاصر والمتعدي فلا يملكون لأنفسهم ولا لعابديهم ضراً ولا نفعاً فالمعبود يدعى للنفع والضر دعاء المسألة، ويدعى على طريق الخوف، والرجاء دعاء العبادة ومن هذا يعلم أن النوعين متلازمان فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة وكل دعاء مسألة يتضمن دعاء العبادة. ومن هذا قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} ٧.


١- مجموع الفتاوى ١٥/١٠، بدائع الفوائد لابن القيم ٣/٢، تيسير العزيز الحميد ص١٨٠ ـ ١٩٢.
٢- سورة المائدة آية: ٧٦.
٣- انظر تفسير ابن كثير: ٢/٦١٧.
٤- سورة يونس آية: ١٨.
٥- سورة يونس آية: ١٠٦.
٦- سورة الفرقان آية: ٣.
٧- سورة البقرة آية: ١٨٦.

<<  <   >  >>